الصبر ..
( فن العزيمة وروح الوجود )
بقلم : سلمى صوفاناتي
في عصر السّرعة والإستهلاك ، والسّعي وراء تحقيق الأهداف دون أي مجهود يذكر . أصبح الصّبر ضحيّة للحداثة المفرطة , بحيث أنّنا لم نعد نقدر قيمة التّدرّج في تحقيق الأهداف . لكن الحكمة تكمن في أن ندرك أنّ بعض الأمور تحتاج إلى وقت كي تنضج ، كالشّجرة الّتي تؤتي أكلها بعد حين .
يقول الكاتب الفرنسي ألبير كامو :
.. يجب أن نتخيّل سيزيف سعيدا .. في إشارة إلى أن المعنى الحقيقي للحياة لايكمن في الوصول إلى القمة . بل في الصّبر والمثابرة أثناء الصّعود . فالسّعادة ليست غاية ، بل هي رحلة من التّحديات الّتي تصقل الإنسان وتعطيه معنًى وجوديّا . يقول المتنبي :
والصّبر مثل اسمه مرّ مذاقه .. ولكنّ عواقبه أحلى من العسل .. فالصّبر هنا ليس مجرّد انتظار سلبي ، بل هو فعل إيجابي ينطوي على وعي عميق أنّ كلّ شيء يأتي في وقته المناسب . وأنّ العجلة قد تفسد ما يُبنى على التّأنّي . قال تعالى في محكم تنزيله : ( واستعينوا بالصّبر ..) وهذا يعني أنّ الصّبر هو وسيلة للإتصال بالله تعالى ، وجسر يعبر به المؤمن من ضيق الدّنيا ، إلى سعة الآخرة .
أما في المسيحيّة : يعتبر الصّبر من ثمار الرّوح القدس ، وهو علامة على المحبّة والتّسامح . وفي البوذيّة : يعد الصّبر سبيلا للتخلص من المعاناة والوصول إلى التّنوير .
وهكذا تتعدّد التّفسيرات . لكنّها تلتقي عند فكرة واحدة ( الصبر هو القوّة الخفيّة الّتي تحرّر الإنسان من قيود العجلة والقلق ) .
Discussion about this post