في حضرة المطر
.
. (1)
لَابُدَ أَنّكَ تَذْكُرُ يَومًا مَطيرًا، حِينَمَا كُنْتَ صَغِيرًا، وَعَدَدْتُ أَسْبَابَ خروجِكَ مِنْ بَيتِك لِتَلْهُوَ فِي صَحْوَةِ المطَرِ.
جَمِيلٌ أَنْ تَصْحّبَ طفولَتَكَ المُبهِجة
تَقْبضُ على يَدِهَا جَيدًّا
تَسْحَبُها وأنْتَ تَجْرِي بِسعادةٍ
فِي ظِلِّ قَطَرَاتِ المَطر!
. (2)
قَطْرَةُ المَطَر عَمِيقَة
سَافَرتْ كَثيرًا كَيْ تَصِلَ إلَيْنَا
مٌجْهَدَة تَصِلُ
تَصِلُ، تَمُوتُ
ربّما أنّها تُدرِكُ جيدًّا
تُدْرِكُ أنَّ مَوْتَهَا حَياةْ
لِذَا: نَبِيلَةٌٌ هِي قَطْرة المَطَر!
. (3)
ذَاتَ لَيْلَةٍ
صَاحَبَتْ قَطْرَة مَطَرٍ غَابَةً بِكَامِلِهَا.
تَمَنَّتْ كُلّ شُجَيْرَة
تَاقَتْ كُلُّ عُشْبَة
أَدْرَكَتْ قَطَرَة المَطر مُبْتَغَى الغَابَة
فَتَشَظّتْ!
مُنْذُ هَذِهِ اللَيْلَة -عَلَى وَجْهِ الدِّقَةِ-
وَالغَابَةُ عَاشِقَةٌ مُولَعَة بِالمَطَرَ!
. (4)
العلاقة بين زخّات المطر على وجهي وقطرات الحليب الدّافئة المندفعة من صدر أمّي، تلك الّتي تخطو طريقها لفمي فتملأ وجهي.
علاقة وطيدة؛ كلاهما يذكّرانني بطفولتي الممتدّة.
وقتي من أوّل الودق إلى آخره
مولع بالمطر؛ فالمطر وجه الله
لذا أفتح كفيّ
ألتقط قطرة
أنظر إليها بشغف
ما حاجتي للجبل؟!
. (5)
ربّما أن يمنحني المطر ذاكرة الحياة
(أول المطر:
بحر أراد الصّعود الى طفل يلهو غير عابءٍ بالبلل.
ثاني المطر:
سماء ارتأت أن تمسح رؤوس أطفالها،
الّذين يسعون بصدق تحت المطر،
ويصادقون بعضهم على عهد الماء.
ثالث المطر:
لماذا نمت غابة تمطر شيخوخة داخلنا
فصرنا نتوارى في ظلّ البيوت
إلى أن ينتهي المطر.
آخِر المطر:
صدركِ مظلّة؛
ساعة يمطر الحزن
وتَرْتَدِي الأرْضُ ثَوبَ الحِدَادْ.)
ربّمَا أحْيَا كَيْ أرَاهْ
فقط: كَيْ أَرَاهْ
المَطَر مَنى السّمَاء
.
أمل سالم
Discussion about this post