كتبت … فائزه بنمسعود
قراءتي في نص (من وصاياها)
للاديب والصحفي المصري
Ashraf Kamal
————
-أ—-تـصـديـر
هذا النصّ يحمل كثافة وجدانيّة ورمزيّة عالية ويتوجه بالخطاب إلى (أشرف)— الّذي يمكن أن يكون رمزًا أو شخصيّة واقعيّة (وربما يشير إلى أشرف نعالوة مثلا —هذا البطل الفلسطيني الّذي
“طارده الجيش الإسرائيلي 65 يومًا نتيجة تنفيذه عملية منطقة بركان الصّناعيّة الشهيرة بتاريخ 7 أكتوبر 2018 والّتي قتل فيها مستوطنين اثنين وأصيب آخر بجروح خطيرة، وقد اغتالته القوات الإسرائيليّة الخاصّة بتاريخ 13 ديسمبر 2018 بعد اشتباك مسلح”)
والنّص مكتوب بصيغة وصايا مكلومة ذات طابع رثائي – تمجيدي —تُحوّل الألم إلى كرامة والفقد إلى ذاكرة حيّة والنّزيف إلى راية…
—-ب —-في رحـــاب النص
1–البنية الخطابيّة:
النّصّ يبدأ بجملة قصيرة من كلمتين (من وصاياها…)وتلك طريقة ذكيّة لخلق مشهديّة فوريّة-فالقارئ أمام رسالة أو ترنيمة أو شهادة على لسان (هي)من امرأة أو قضيّة أو أمّ أو وطن موجوع ..ثم تنطلق اللغة في خطاب مباشر إلى (أشرف)بخطاب توجيهي حميمي ملتهب.
2–التّراكيب البلاغيّة والصّور الشّعريّة:
(قلبك الموجوع كوفيّة على أكتاف العاشقين)تشبيه بليغ يجعل من القلب المجروح رمزًا للمقاومة (الكوفية)، وكأن الوجع يتحوّل إلى أيقونة تلهب المشاعر وتوحّد الشّعوب…
(قلبك الجائع للأحزان يأكل الموت من جوعه كلّ يوم) قلب يتغذّى على الموت (الّذي بات خبزنا اليوميّ )وهذا تعبير عن تفشّي الحزن حتّى أنّ الموت نفسه أصبح لقمة مرّة يلتهمها القلب بلا تردّد ولا تفكير
(الموت خدعة، والحرب خدعة)تكرار لفظي يوحي بالوعي بالخداع السّياسيّ والعسكريّ—وأنّ الضّحيّة أحيانا تعرف مسرح الموت لكنّها تصرَ على صعود خشبته إليه…
3–الرّمزيّة والفلسفة الوجوديّة:
الموت لا يكون بطوليًّا إلّا إن كان ذا هدف (الموت بلا هدف سمّ يتجرّعه الجبناء)تعبير أخلاقي-ثوري يرفض الاستسلام والعبث.
فـ (الحياة بلا شرف بدعة)تعبير دينيّ-ثوريّ يجمع بين المقدس والدّنيوي، بين القيم الأخلاقيّة والسّياسيّة…
4–الإيقاع واللغة:
النّصّ نثريّ لكنّه يمتلك طاقة شعريّة هائلة—ينبض بإيقاع داخليّ(التّكرار/والتّوازن التّركيبي/والانتقالات العاطفيّة/) توحي بنَفَس شعريّ حرّ…
5–النّغمة والانفعال:
نغمة النّصّ مزيج من الحزن والحداد والحنق والمثابرة—هناك لهجة الأمّ والعاشقة والمناضلة تتداخل لتشكّل خطابا وجدانيّا عالي التّوتّر والحمولة الرّمزيّة…
—ج—أخلص
هذا النّصّ أقرب إلى مرثاة وطنيّة/فرديّة تُخاطب شهيدا أو مناضلا على قيد الحياة في زمن يتقن فنّ القتل والتّغييب والقبر وإراقة الدّم البريء —إنّه نصّ يقف على الحدّ بين الرّثاء والوصيّة، بين الحبّ والثّورة، ويُشحن بطاقة رمزيّة تجعل من (القلب)حقلا للمعركة ومن (الكوفيّة)صوتـا للحرّيّة
—د—النص
من وصاياها…
الجرح يلد جراحات يا أشرف، وقلبك الموجوع كوفيّة على أكتاف العاشقين، تجوب الكون كلّه، تتعمّم بها الرّؤوس وتتمسّك بها الأكفّ الفزعة لحظة الرّحيل.
قلبك الدّامي حشرجة باكية، صوت مخنوق وبقايا دمعة ساخنة. قلبك الجائع للأحزان يأكل الموت من جوعه كلّ يوم يا أشرف.
حدّثتك مرارا أنَ صنَاع الموت يتفنّنون في صناعة نسخ جديدة للهلاك وينصبون الفخاخ للشعب الأبيّ، حدّثتك أنّ الموت خدعة وأنّ الحرب خدعة، وأنَ كلّ الّذين وهبوا أرواحهم للقضيّة ،يهبون ولا يقنعون بالقليل وهم يلعبون مع الموت وفق قوانينهم وبأسلوبهم. الحياة بلا شرف بِدعة، والموت بلا هدف يا أشرف سمّ يتجرّعه الجبناء جُرعة جُرعة.
———-
وتبقى قراءتي عاشقة وتأمليّة
شقيقي المبدع
كتبت … فائزه بنمسعود
Discussion about this post