بقلم الأديبة والشاعرة
مجيدة الفلاحى
_____________
لم أولد طفلة..
لم أرضع من ثدي أمي..
لم ألعب مع قريناتي..
قذف بي من رحم السماء
ورائحة الجنة في خصري
أحمل ثقل عقلي
وجسدا أسيرا
نحو الفراغ يهوي
مذنبة
عاصية
غاوية
هكذا حدثتني جدتي
ولجدتي مايكفي من الشرعية
أن تختار لي كهفي
وحديقتي السرية
وصنما يحرسني
اثنين كنا
والرغبة ثالثتنا
والأفق البعيد ظلنا
لجدتي مايكفي من الحكمة
وقد بلغت من الدهاء عتيا
أن تلبسني رداء من تعويذات
يلجم تدفق الحياة في عروقي
تهش بعكازتها على حروفي
وتهمس بأذني أن أسكن صمتي
كان لجدتي مايكفي من الحنين
وهي تحدثني عن الماضي التليد
عن المطر الغزير
عن القمح الوفير
عن الأشجار الباسقة
عن الرغبات المدفونة
عن الأصوات الخفية
عن تفاصيل من مروا من هنا
عن الشياطين
عن الملائكة
عن الله
عن تراتيل الليل
عن ورد الصباح
كان لجدتي مايكفي من الرغبة
لتحدثني عن بطولات جدي
وعن موته مجهولا في “لاندوشين ”
عن مساءات انتظاراتها له
عن غنجها وعطرها
عن الكحل والسواك
عن رائحة المسك بين نهديها
عن الرغبة المدفونة بين شفتيها
عن المنديل المخبأ في قعر الصندوق
يفوح بعطر حبهما
وكان لي من الشجاعة مايكفي
لأنسف كل خططها
أركب الموج الهادر
أراوغ العتمة في روحي
أتوارى في عمق السماء
أستدرج المساء إلى كهفي
أمسك بتلابيب المدى
أعتلي صهوة النور
أتساقط على وجه القمر
أصرخ الصرخة الأولى
أحط وأطير
كضفيرة جميلة لطفلة
تجري وراء أحلامها الصغيرة
كطفلة صغيرة
تحط وتطير..
وأطير كأسراب عصافير..
Discussion about this post