بقلم … يعقوب عبد العزيز
قبل أن يُلدن البنات …
فاطمة الّتي ما فتئِت أن تهاجم ذاكرتي
بـ”بينسة” .
رغم أنّي أفرغتُ قلبي منها مذّ أمدٍ بعيد.
فاطمة الّتي نمتُ بتوقيتها قبل
أن تسرق منّي الحانة عمش العيون أو أتسكّع
خلف شوارع مطـر.
تسعل خفيفَا دائمًا حيث يتبادر أنّها
تتنهّد فقط وكانت دائمًا
ما تتفقّد فراشات صدرها
فاطمة تخاف فيّ الجنون والعفاريت الّتي
ترتدي أقمصتي وتنام في سريري.
سألتها مرّة عن رافعة صدرها الورديّة
وعن روشتّة علاج الكحّة.
سألتها عن مشطها العاجيّ وعيد ميلاد
جدّتها السّبعين
فاطمة الّتي لا يعنيني عنها الآن سوى
تسريحة ابنتها كانت تحبّ فيّ الإيمان.
كانت ترتعد من صوتي مراراً وتهجرني
في أيّام كآبتها.
فاطمة الّتي لا أخاف عليها سوى
اليوم المفخّخ بأسماء البنات
واللحظة الّتي تبـثُّ فيها عبـر الأثيـر
أغاني البُعد.
مرّة أسكر وأبيت في العراء، أطلب
صوتها هاتفيًّا
واقرأ لها إقتباس لـ “سيوران “
ألتحف أسمها في موسم الشّتاء وألفّ
بضحكتها التّبغ.
مرّة ونحن على قيد سفر كانت تزيح
خصلة نافرة من وجهها الأسمنتيّ
وتراني مع الأطفال؛
أوّل مرّة يحدث ذلك
فاطمة لم ترهنني أنا مشط الذّخيرة
لأيادي الجّند
مقابل عبورها للضّفة الأخري
بيد أنّني أشعر بالأسى الشّديد
حيال توريطها معي في ليالي المدينة.
أخرجت لي مرّة صباع شوكلاتة
من جيب حقيبتها الرّماديّة الصّغيرة
لم تقل لي خُذ ولم أنتبه، كنتُ مشغولاً
آنذاك
بعدّ أيام دورتها الشهريّة،
لم تقل خُذ ، لم تقل هيّا لنذهب، فاطمة لم
تقل وداعًـا.
بقلم … يعقوب عبد العزيز السودان
Discussion about this post