طريقُ الخَلاصِ وإعادةُ هَيكَلَةِ البِناءِ
حلب – عماد مصطفى
نَظَّمَ مُنتدَى الخَلاصِ وإعادةِ البِناءِ، وقدَّمَ هذه المُحاضَرةَ المُحاضِرُ السياسيُّ.
تُصادِفُ هذه المُحاضَرةُ مع الذكرى التي يَحتفلُ بها الشَّعبُ السُّوريُّ بِمُناسبةِ جَلاءِ المُستَعمِرِ الفرنسيِّ عن أراضي سُوريا، وهوَ حَدَثٌ تاريخيٌّ مُهِمٌّ يَستَدعي استِحضارَ الأبطالِ السُّوريِّينَ الذينَ ساهَموا في تَحقيقِ هذا التَّحريرِ، ويَجِبُ علينا تَقديرُ بُطولاتِهِم الجليلةِ وتَضحياتِهِم.
كما مِن الضَّروريِّ أن نُبرِزَ دَورَ المُفكِّرينَ الذينَ أَسهَموا بِفاعِليَّةٍ في هذهِ المَرحلةِ التاريخيَّةِ الهامَّةِ من تاريخِ البلادِ، وعلى رأسِهِم المُفكِّرُ الكبيرُ عبدُ الرَّحمنِ الكَواكِبي، الذي يَنتَمي إلى مدينةِ حَلَبَ. وتُعتَبَرُ حَلَبُ مركزًا رائِدًا في تاريخِ الحَركةِ الوطنيَّةِ السُّوريَّةِ، مِمَّا يُضفي أَهميَّةً خاصَّةً على مُساهَماتِ الكَواكِبي فيها.
أحدُ أبرَزِ المحاوِرِ التي تَطرَّقَ إليها المُحاضِرُ العَسْراوي هوَ ضَرورةُ إعادةِ بناءِ البُنيةِ التحتيَّةِ في سُوريا. تُعتَبَرُ المدارسُ والمستشفَيَاتُ والطُّرُقُ ووسائلُ النَّقلِ من المُكَوِّناتِ الأساسيَّةِ لحياةِ المُواطِنِ، لذا يَتَوجَّبُ وَضْعُ خُطَّةٍ شاملةٍ تَهدِفُ إلى تَرميمِ هذهِ المرافِقِ، بالتَّعاوُنِ مع المُجتَمعِ الدُّوليِّ والجهاتِ المُمانِحةِ، إذ إنَّ تَنفيذَ هذهِ المَشاريعِ يُسْهِمُ في تَعزيزِ ثِقةِ المُواطنينَ، ويُؤدِّي إلى استِقرارِ الاقتصادِ المَحلِّيِّ.
بالإضافةِ إلى ذلكَ، يَأتي تَعزيزُ المُصالحةِ الوطنيَّةِ كعُنصُرٍ مُهِمٍّ في بناءِ مُستقبلِ سُوريا الذي يَتَّسِمُ بالاستِقرارِ والازدهارِ، ويَنبغي أن تَسعَى الجُهودُ نحو تَعزيزِ الحِوارِ والتَّضامُنِ بينَ مُختَلَفِ الفِئاتِ في المُجتَمعِ.
ويَجِبُ تَشجيعُ بناءِ سلامٍ مُستدامٍ وتَأسيسِ أجواءِ من التَّعايُشِ السِّلميِّ بينَ جميعِ أبناءِ الوَطنِ.
بالإضافةِ إلى ذلكَ، يُعتَبَرُ تَطويرُ القِطاعاتِ الاقتصاديَّةِ المُتَنوِّعةِ عامِلًا أَساسيًّا في عَملِيَّةِ التَّعافي في سُوريا. يَنبغي أن تَتَوجَّهَ الجُهودُ نحو دَعمِ الزِّراعةِ والصِّناعةِ والسِّياحةِ، حيثُ إنَّ ذلكَ مِن شأنِه خَلقُ فُرَصِ عملٍ جديدةٍ وتَعزيزُ الاقتصادِ المَحلِّيِّ.
كما يُعَدُّ استِثمارُ الوقتِ والمَوارِدِ في تَحسينِ المَهاراتِ وتَقديمِ التَّعليمِ المُناسِبِ للقُوى العاملةِ أَمرًا ضَروريًّا، مِمَّا سَيُساعِدُ في تَحسينِ مُستوى أدائِها وتَـمكينِها من التَّكيُّفِ مع مُتطلَّباتِ السُّوقِ المُتغَيِّرةِ.
ومِن الجانبِ الآخَرِ، يَتَوجَّبُ العَملُ على تَعزيزِ بناءِ المُؤسَّساتِ الحُكوميَّةِ في سُوريا، لِضَمانِ تَحقيقِ فَعَّاليَّةٍ في أَعمالِ الدَّولةِ ورَفعِ مُستوى الشَّفافيَّةِ في العَملِ الحُكوميِّ.
ويَنبغي أن تَكونَ هناكَ جُهودٌ مُستمِرَّةٌ لِتعزيزِ سِيادةِ القانونِ وحُقوقِ الإنسانِ، إذ تُعتَبَرُ أُسُسًا ضَروريَّةً لِبناءِ دَولةٍ قويَّةٍ ومُستقِرَّةٍ.
كما يَنبغي إيلاءُ أَهميَّةٍ كَبيرةٍ لِلدَّعمِ الخارجيِّ، حيثُ يَلعَبُ التَّعاوُنُ مع المُجتَمعِ الدُّوليِّ والدُّوَلِ العربيَّةِ دَورًا مِحوَريًّا في تَحقيقِ أَهدافِ إعادةِ الإعمارِ والتَّعافي.
يَتَطَلَّبُ ذلكَ تَوجِيهَ الدَّعمِ الماليِّ والتِّقنيِّ بِشَكلٍ مَنهجيٍّ لِضَمانِ تَحقيقِ أَفضلِ النَّتائجِ.
وأَضافَ العَسْراوي: “يُمكِنُنا العَملُ نحوَ بناءِ مُستقبلٍ مُستقِرٍّ ومُزدهِرٍ لِسُوريا الحَبيبة”.
في نِهايةِ المُحاضَرةِ، أَكَّدَ العَسْراوي أنَّ إعادةَ بناءِ البلادِ ليست مجرَّدَ جُهدٍ مادِّيٍّ، بل تَتَطَلَّبُ تَغييرًا جَذريًّا في الثَّقافةِ السياسيَّةِ والاجتماعيَّةِ.
لذا، مِن الضَّروريِّ استِثمارُ الوقتِ والجُهدِ اللازمَينِ لِتحقيقِ هذا التَّحوُّلِ المَأمولِ.
وعلينا تَجاوُزُ الفَوضى وإعادةُ البِناءِ والانتِقالُ نحوَ مُستقبلٍ أَفضل…
شَهِدَت المُحاضَرةُ عدَّةَ مُداخلاتٍ مِن الحُضورِ التي أَثْرَتِ الحِوارَ وأَغْنَتِ النِّقاشَ…
Discussion about this post