يرجع تاريخ الرّحى إلى شعوب الحضارات القديمة الّتي احترفت الزّراعة، واستعملت النّباتات المنتجة للبذور، فابتكرت آلة الرّحى منذ نشوئها، وكانت هذه الآلة تنتشر بين حضارات وثقافات متعددة.
وقد عرفت الرحى بعدة أسماء بين الشّعوب العربيّة، فمنهم من يسمّيها “الرّحى” كما في كتب اللّغة، ومنهم من يسمّيها “المجرشة”.
يصنع الرحى من الحجر الخشن الثّقيل ويستخدم في صنع طاحونة يدويّة لطحن الحبوب.
و الرّحى الحجريّة هي عبارة عن حجارتين يشكّلان دائرة ومفترقتين من الوسط، يركب أحدهما فوق الآخر بشكل متوازي ، ويكون الجزء السّفلي ثابت، بينما الجزء العلويّ متحرّك، حول محور خشبيّ أو معدنيّ، يسمّى قطب الرَّحى .
ويتم إنزال المادة المراد طحنها من ثقب صغير وسطهما ويتمّ تحريكها باليد حتّى تطحن المادّة بشكل جيّد، أو بالحجم المراد الحصول عليه.
وقد جرت العادة غالبا على أن النّسوة هن المستعمل الوحيد تقريبا لهذه الآلة، و لا تستطيع امرأة واحدة تحريك الرّحى الكبيرة «التارشة» بمفردها، نظراً لثقلها. ولكن عادة ما تتعاون عليها امرأتان في طحن الحبوب أو القمح.
و نظراً لجلوس المرأة فترة طويلة مع هذه الأداة قد توطّدت علاقة قويّة بين المرأة والرًحى، تحكي لها ما بها من أحاسيس وشجون
وقد كان هذا النّوع من المعدّات جزءا من الأثاث المنزليّ لا يمكن الاستغناء عنه مما جعله مصدر إلهام الكثير من المسرحيّين الّذين يستعملونه كديكور في أعمالهم وكذا في لوحات الرّسامين وقصائد الشعراء فضلا على أن الرّحى تحتل حيزا كبيرا ضمن خزان الامثال الشّعبية العالمية.
و من أشهر من ذكر الرّحى في شعره الشّاعر زهير بن ابي سلمى في معلّقته حيث يقول:
فَتَعْـرُكُكُمْ عَرْكَ الرَّحَى بِثِفَالِهَـا
وَتَلْقَـحْ كِشَـافاً ثُمَّ تُنْتَجْ فَتُتْئِـمِ
والثفال هو قطعة الجلد التي توضع تحت الرحى
وستظلّّ الرّحى موروثا شعبيّا يحكي أصالة الماضي، وحكايات الزّمن الجميل، وستظلّ جعجعته كأنغام تشدو عبق الذّكريات
Discussion about this post