الجَسَدُ /
حِكَايَةُ التَّكوِين ..
يا امرَأَة !
عَجَبًا –
كَيفَ أَحبَبتُ ما أَرَاهُ
وَما لا أَرَاهُ ؟
كيفَ لكِ تَفتَحِينَ أَكمَامَ الوَردِ
بأَهدَابِ العُيُونْ ؟
كيفَ لِعَينَيكِ عَلَى هَوَاهَــا
تَهدِمُ وَتَبنِي ما تَرَاهُ
وَتَخلُقُ ما لا نَرَاهُ ؟
يا امرَأَة
صَدِّقِينِي –
أَنقَذَنِي جَسَدُكِ مِنَ الإنتِحَارْ
جَعَلَ إِيرُوسَ يَنبُوعَ أَنوَارْ
عَلَّمَنِي أَسأَلُ وَأَسأَلُ
وَلا نِهَايةَ لأَيِّ سُؤَالْ …
عَلَّمَنِي حُبُّكِ ما لَم يَقرَأْهُ الأَنبِيَاءُ
فِي كِتَابِ الغَيبِ
جَسَدُكِ كِتَابٌ أُقَلِّبُ صَفَحَاتِـهِ
وَلا يَنتَهِيَ الكِتَابْ ؟
قُلتِ –
عِشْ فِي مَوتٍ
خارِجَ المَوت ..
عِندَهَا _
سَأَلتُنِي
كيفَ يَمُوت جَسَدِي فِي جَسَدِكِ
ثُمَّ مِنكِ يُولَدُ ؟
إِذَا كَانَ المَوتُ وَاقِعًا
عَلَّمَنِي جَسُدُكِ أََنْ أَكتُبَ
كَي
لا
أَمُوتْ ..
عَلَّمَنِي أَنَّ الكِتَابَةَ مُقَارَبَةُ الأَشيَاءْ
عَلَّمَنِي أَنْ أُمزِّقَ قُشُورَ هَذَا الوَاقِعِ
كَي تَدُومَ الصَّبَوَاتْ
أَنْ أَدخُلَ
فِي
عُمقِ
الصَّمتِ
كَي أَدفُنَ لُغَتِي القَدِيمَهْ
وَأسبَحَ فِي نَهرِ الإشَارَاتْ ..
يا امرَأَة !
كُلَّمَا حَبَبتُكِ مُتُّ آلافَ المَرَّاتْ
وَكَي أَحيَا
أَبعَثُ نِدَاءَاتِ الحُرُوفِ هَمسًا
وَشوَشَاتٍ وَأُغنِيَاتْ
أَصوَاتًا وَأَصدَاءْ
فَيَبتَهِجَ شَوقُ اللَّونِ
فِي بِئرِ العُيُونْ !
وَكُلَّمَا رُمتُ وِصَالًا
أَصَابَتنِي شَظايا الرَّمَادْ
عُدتُ للجَمرِ إِيقَاظًا لِكُلِّ فِكرَهْ
أَنَا العَلِيمُ _
فِي الجَمرِ وَعدٌ وَذِكرِى
فِي فِيكِ رَحِيقُ أَزهَارٍ
تُخَبِّئُهُ قَصِيدَةُ الصَّبَاحْ
فِيكِ مَرَايَا حَنِينٍ
صُوَرُ خَيَالٍ
وَرَقصُ المَجَازِ فِي عُرسِ المَعَانِي ..
صَدِّقِينِي _
نَشوَةٌ رُوحِيَّةٌ تَحتَلُّ جَسَدَكِ
وَأَنَا لُغَةُ الإنتِشَاءْ !
أَشتَهِي لَونَ عَينِيكِ
فِي
لُغَةِ المَاءِ
فِي بَوحِ القَمَرْ
وَكُلَّمَا هَوَيتُكِ
شَرِبتُ مِن مَاءِ عَينَيكِ
كَي أُطِيلَ السَّفَرْ
كُلَّمَا حَبَبتُكِ دَحرَجتِ
عَن صَدرِيَ الحَجَرْ
أَصغَيتُ للغَابِ
لأَغصَانِ الشَّجَرْ
كُلَّمَا كَابَدَنِي الشَّوقُ واستَبَدَّ بِي
إرتَدَيتُ جَسَدَكِ
خَلَعتُ جَسَدَ الأيَّام ..
لا حَيَاةَ قَبلَ يَدَيكِ
لا حَيَاةَ بَعدَ يَدَيكِ
تُرَاكِ جَسَدِي البَدِيـلْ ؟!
يا امرَأَة !
حِينَ يَخلَعُ اللَّيلُ هَدِيـلَ الحَمَامْ
أَلبَسُ حُمَّ عَينَيكِ
تَحمِلُنِي سَحَابَةٌ
كأِنِّكِ تِلَالُ السَّهَرْ
كأنَّكِ طِفلَةٌ لا تَنَامُ إلَّا
عَلَى صَوتِ أُمٍّ
فِي حَلَكِ اللَّيلِ وَقَد
أَحكَمَت إِغلَاقَ بَابِ نَومِكِ
خِشيَةَ عَابِرٍ عَاشِقٍ فِي الظَّلامْ …
كُنتُ
ذَاكَ
العَابِرَ
يَومَ كُنتِ صَغِيرَهْ
هَا أنا أَصبَحتُ العُبُورَ
حِينَ أَنتِ طِفلَةٌ كَبِيرَهْ
أَنامُ عَلَى شَعرِكِ
عَلَى هِضَابِ جَسَدٍ هَفَّافٍ
كمَا يَغفُو الشِّعرُ
فِي
حُلمِ
الضَّفِيرَهْ
كمَا يَستَدِيرُ قَمَرٌ نَحوَ الشِّمَالْ
يَرُومُ لَو يَبقَى هُنَـاكَ .. هُنَـــاكِ
زَادُهُ حُبُّكِ وَالصَّلَاةْ
كيفَ للـ ” هُنَا ”
يَكُونُ ” هُنَــاكَ ” ؟
هُنَــاكَ فِي الـ ” هُنَــا ”
نَومُ الهَنَـا
رَنَّمَتِ الأُمُّ بِحَنَانْ _
” يَا الله تْنَامْ .. يَا الله تْنَامْ …”
يَومَهَـا _
سَمِعتُهَا مِن بَعِيدٍ .. بَعِيدْ
وَحِينَ سَأَلتِنِي سُؤَالَ طِفلَةٍ _
لمَاذَا نَنَامُ ؟
أَهلُ الحُبِّ لا يَنَامُونَ
كالشَّمسِ .. كالكَوِاكِبِ
كالقَمَرْ
هِل يَنَامُ العُشبُ عِندَنَا
عَلَى تِلالِ السَّهَرْ ؟
وَحدَها –
تَغفَو المَلائِكَةُ
إلهٌ يَسهِرُ عَلَى سَرِيرِ الضَّجَرْ
وَفي الرِّوَايَةِ
حِكايَهْ
أنَّ الإلهَ حِينَ خَلَقَنَا
زَرَعَ الحُبَّ فِي الأَرضِ جَنَّةً
أَعطانَا بَهجَةَ النَّظَرْ
ثُمَّ غَدَونَـا آلِهَـةً نَقطِفُ
مِن شَجَرِ التُفِّاحِ
أَطيَبَ وَأشهَى الثَّمَرْ
[ لمَاذَا نَنَامُ ؟ ]
إِنْ كان جَسَدُكِ يَنَامُ فِي ضَوئِهِ
فَقَد عَلَّمَنِي –
أنَّ في الحُبِّ حُرُوفًا .. حَرَكاتٍ
نِقاطًا .. فَوَاصِلَ
عَلامَاتِ تَعَجُّبٍ وَاستِفهَامْ
صَدِّقِينِي _
هِيَ أَنفَاسُنَـا
يَمُدُّ عُمرَها مَدُّ الهَوَاءْ
حِوَارٌ يَجِيءُ
صَمتٌ يَستَفِيقُ
كلِمَاتٌ تُضِيءُ مَدَارَاتِ اللَّيلِ
وَبَرَاعِمَ الكلَامْ
قُلتِ _
إقرأْ عليَّ شِعرًا
كي أغفُو وَلا أنَامْ
عَلِّمنِي في الحُبِّ صَلاةً
تُشعِلُ الظّلامْ
وَظلامًا يَرجُو إشعَالَ الشُّمُوعْ ..
كُنْ عَاشِقًا
أََو مُتْ …
( يتبع )
ميشال سعادة
من ديوان
[ تَقَاسِيمُ على أوتَارِ الجَسَد ]



































![ميشال سعادة من ديوان تَقَاسِيمُ على أوتَارِ الجَسَد ]حِكَايَةُ التّكوين](https://alrouwadnews.com/wp-content/uploads/2025/05/inbound1948192973407950839-600x375.jpg)



Discussion about this post