لحظة شفاء
انتظرت قليلا تتأمل وجهها الباكي، للحظة حجبت عنها الرؤية، كانت دموعها تقطر بالمرآة مثل يوم ممطر على زجاج سيارة أمامي، بهوادة حركت يدها على الزجاج تمسح البلل، احست تسرب دموعها من بين شقوق الزجاج، تلمست تجاعيد وجهها النامية بخدوش المرايا، فجأة لمحت خيال فتاة تلألأت بين دموع عيناها، مدت الفتاة يدها الصغيرة، أشارت نحوها تسألها: أتتذكريني؟ قالت وكانت الرؤيا اتضحت رويدا:
كيف انساكِ وأنت طيفي.
انحنت تلملم الزجاج المتناثر مع بقايا شتات نفسها المبعثرة على الأرض، أمسكت بالإطار به صورته، ظل مكانه على الكمدينه جانب الفراش لسنوات، قبل أن تلقي به بالمرآة تحطمها، احتضنته اعتذرت له وبقيت طويلا، أفاقت والدمع يختلط ودماء يدها، رفعت هامتها نظرت بالقطعة المتبقية من المرآة بالزاوية، تطمئن على الفتاة الساكنة عينيها، لكنها كانت قد اختفت، بحثت عنها في الحجرة، دارت بها كالمجنونة فتحت الدولاب تقلب علاقاته سارعت مهرولة تفتش في كل مكان، نظرت تحت الفراش، وراء الباب وفي الأركان، لوهلة توقفت على صوت جلبة بالخارج، تقدمت بخطوات حذرة، متسلحة بعليقة الملابس، وفي اللحظة الحاسمة رفعت العليقة ترمي بها احدهم، توقفت وهو يصرخ بوجهها قائلا :
ماذا تفعلين يا أمي؟
نظرت وجهه المفزوع،إنه إبنها بالفعل، جاء هو وأطفاله من السفر، أقدم عليها بالأحضان مشتاقاً لها، قال:
جئت بالأطفال ونوينا قضاء الإجازة معك، أعذريني لغيابي عنكِ كل تلك السنوات كنت مشغولا جدا في عملي، ولم يسعفني الوقت لزيارتك.
بكلماته نسيت أنها منذ دقائق كانت غاضبة منه، لحظة شفاء مطيبة للألم، ركض الأحفاد نحوها يحضنونها، راحت تقبلهم في نهم، رأت أجسادهم الصغيرة كبرت قليلاً، نظرت صغيرته، رأتها أمامها هي تلك الفتاة البهية التي ارتسمت بعينيها في المرأة تشير لها، سحبتهم من أيديهم الصغيرة الناعمة الى المطبخ حضرت عشاء المكرونة المحمرة بقطع الفراخ تعلم أنهم يحبونها، اطمأننت أنهم أكلوا جيدا وكان فيلم السهرة، سنووايت والاقزام السبعة..
استيقظت وشمس الصباح تتسلل حجرتها، تلفتت حولها نظرت يدها المتعلقة بالإطار والزجاج مازال على الأرض، قامت تتفقد محمولها قرأت الرسالة للمرة العاشرة تقول: اعذريني يا أمي لن أستطيع المجيء هذه السنة أيضا، ظروف عملي تحتم على البقاء.
…………….
فاطمة حمزة مصر
Discussion about this post