بقلم … مارينا أراكيليان أرابيان
الأرمن شعبٌ لا يُباد، وعزيمة لا تنضب !
الإبادة الجماعيّة هي جريمة تسلّط الضّوء على القيم الإنسانيّة وهي الضّحيٌة الاولى والحقيقة الّتي حملناها، بصفتنا الأمّة الأرمنيّة على بشرتنا.
قال (هنري موركنتاو) سفير الولايات المتحدة لدى تركيا، ما يلي في عام ١٩١٨، كان الغرض الحقيقي من ترحيل الأرمن من تركيا هو النّهب والتّدمير، في الواقع كان هذا اسلوبا جديدًا للإبادة.
هناك نهر في العالم لكن هذا النّهر غير موجود على أيّ خريطة … إنّه نهر دماء الضّحايا الأرمن الأبرياء لعام ١٩١٥ م، والّذي يتدفّق عبر وديان الضّمير البشريّ واللامبالاة الإنسانيّة، سيصل أخيرًا إلى بحر القصاص …
لم تتوقّف الإبادة الجماعيّة في عام ١٩١٥، لكنّها استمرت إلى يومنا هذا بسبب إنكار الجاني وغياب العدالة خارج الحدود الإقليميّة. أنّ عمليّة الإبادة شملت الإعدامات شنقًا وبالرّصاص، والتّهجير القسرى فى ظروف تدفع إلى الموت، لافتًا فى ذلك إلى تهجير الأرمن المقيمين تحت الاحتلال العثماني إلى حلب، في مسافة ألف كيلو مشيًا على الأقدام، وتحت أسواط الخفر والعسكر التّركي، هذا بالإضافة إلى التّتريك للأطفال الأرمن، وتحويلهم إلى القوميّة التّركيّة عنوة لاستخدامهم كخدم أو لاستغلال فتياتهم جنسيًّا.
وقد وصفت الحكومات والمجالس النّيابيّة، في عام ٢٠٢٥، لأربعة وثلاثين ٣٤ بلداً بالإبادة الجماعيّة الأرمنيّة. من بين هذه الدّول الأرجنتين، والنمسا، والبرازيل، وكندا، وفرنسا، وألمانيا، واليونان، وإيطاليا، والمكسيك، وهولندا، وبولندا، والبرتغال، وروسيا، والسويد، والولايات المتحدة الأمريكية، وأوروغواي، وغيرها.
من أجل دراسة وفهم الموقف بموضوعيّة، تعتبر القوميّة التّركيّة أو القوميّة الطّورانيّة هي أيديولوجية تدعو إلى القبليّة، الّتي تتصوّر إقامة إمبراطوريّة تشمل كلّ دولة أو منطقة ناطقة باللغة التّركيّة. بطريقة ما تعلن تركيا نفسها أبو هذه البلدان وهي اليوم تعتز بنفس الحلم مع تطلّعات السّلطات.
تعتبر أرمينيا المسيحيّة الّتي تقف على طريق تنفيذ هذه الخطّة مهد الحضارة، وفقا للتقاليد التّوراتيّة استقرّت سفينة نوح على قمّة جبل أرارات، الرّمز التّاريخي لأرمينيا. تعتبر اللغة الأرمنيّة واحدة من اللغات الأمّ الهنديّة الأوروبيّة، (ناهيك عن الأصليّة) إنّ شعب أرمينيا ليس قبيلة تركيّة لذلك فهم يشكّلون عقبة أمام نجاح البرنامج التّوسّعيّ التّركي.
اليوم أهداف الإبادة الجماعيًة لتركيا وشريكتها أذربيجان ليست سرّا، يتردّد صدى هذه المشاعر لدى الدّكتاتور التّركي رجب طيب أردوغان والعاهل الأذربيجاني إلهام علييف، أنّهم يحاولون القضاء على وقوف أرمينيا لأنّها تعتبر كحاجز بين هاتين الدّولتين التّركيًتين. تركيا تهدّد الاستقرار الإقليمي لأرمينيا التًوسعيّة لذلك فإنّ التّهديد بإستئناف الإبادة الجماعيّة للأرمن هو حقيقة يوميّة.
ها نحن في ٢٤ نيسان من التّاريخ الحديث، الّذي نحن مطالبون من أجله بممارسة القوّة الوطنية والحكمة، تغلب اسلافنا على ملحمة الإبادة الجماعيّة للأرمن، في ٢٤ نيسان، والآن حان دورنا وإلّا سيكون محكوما علينا بتحمّل تلك الوصمة أمام تاريخنا وأجيالنا. نحن ملزمون بكبح كلّ الصّعوبات ومقاومتها بقوّة من أجل أن نكون الورثة الصّالحين لأسلافنا ونخلق ساردارابات (Sardarabat) الجديد.
أنّنا أمّة تؤمن بقيامة المسيح لذلك سنؤمن أيضا بقيامة أمّتنا في ثلاثة أيام أو ثلاث سنوات أو ثلاثة عقود، ليس لدينا الحقّ والرّفاهية للاكتئاب، بل العمل الدّؤوب لانجاح قيامة أمّتنا
من جديد.
اليوم في ٢٤ نيسان من كلّ سنة، سوف نذكر العالم والأتراك المتعطًشين للدماء أنّنا لم ننسَ شُهداءنا غير المدفونين والخالدين في عام ١٩١٥. ونقول لكم “أعلموا، إذا بقي أرمنيّ واحد في العالم، فلن ينسى الإبادة الجماعيّة للأرمن، لن ينسى جبل ماسيس المقدّس، أرض أجدادي من البحر إلى البحر”.
نحن الأرمن أمّة قدمت 1.5 مليون ونصف شهيد خلال الإبادة الجماعيّة الهمجيّة الّتي نظّمتها الإمبراطوريّة العثمانيّة في عام ١٩١٥، ببساطة لأنّنا مسيحيّون، ذبحونا وشرّدونا من أراضينا وبيوتنا، فقد دُمِّرت وأحرقت الآلاف من الكنائس، لكنّنا لم نستسلم أبدًا، للعيش مرّة أخرى لأنّ لدينا أبطالًا ولا يزال! نحن هرانت دينك، نحن أبطالنا، نحن حراس أوّل أمّة مسيحيّة، نحن أمّة منتصرة، نحن شعب مبدع وفريد! نحن جبالنا، نحن بلد (أني)، وجبل (أرارات) نعم، نحن أرمن !
كما قال الأرمنيّ الثّوريّ المناضل سوغومون تاهليريان (Soghomon Tahlirian) الّذي أُغتيل على يد طلعت باشا الوزير السّابق للأمبراطوريّة العثمانيًة في برلين في آذار عام ١٩٢١، “إذا التقى أيّ شخصان من الأرمن في أيّ مكان في العالم، أنظروا إذا لم يؤسّسوا ويخلقوا أرمينيا جديدة”
لقد تركنا مع حفنة، لكنّنا أصبحنا قبضة
فإنّ الشّعب الأرمنيّ هو واحد من أقدم شعوب الأرض، ورغم الشّتات الّذي تعرّض له بسبب ظروف الحرب والإبادة التّركيّة، إلّا أنّنا أستطعنا الحفاظ على عرقيّتنا وتنميتها، لدرجة أنّنا أصبحنا ثاني أكبر جالية مؤثّرة في الولايات المتحدة الأمريكيّة وفرنسا.
ما أشبه البارحة باليوم! المسميّات فقط تغيّرت ولكن العناوين والمضمون واحد…بالأمس كانوا يسمّون أنفسهم بالعثمانيين الأتراك بقيادة السّفاحين جمال أنور، وطلعت باشا وهم دواعش اليوم، وظهروا أيضا بمسمّيات أخرى كالقواعد، وهؤلاء العثمانيّون بقيادة الدكتاتور رجب طيب أردوغان من مساندي الدّواعش. القصص تتكرّر لكنّ القتل والنّهب وطريقة الموت والاهداف واحدة !!
أقول لكم يا عثمانيو الأمس ودواعش اليوم “يومكم آتٍ لا مِحالة” لن ننسى ولن نسامح 1.5 بمليون ونصف مرّة شهدائنا الأبرار، وحذاري منّا ومن دفننا، فكلّما حاولتم دفننا فأنّنا كالبذور نزهر دائما وتمتدّ جذورنا الى الأعماق أكثر وأكثر ليكون أساسنا أقوى وأعظم وأشواك زهورنا حادّة لِكيّ تنزف أيّ يدٍ يمُسّنا وتجرح كلّ من يحاول خلعنا من أراضينا ف الويل لكم مِنّا. نحن شعبٌ لا ينكسر، نحن شعبٌ لا ينحني، نحن شعبٌ لا يحتضر، نحن شعبٌ لا يندثر، نحن شعبٌ لا يغتفر، نحن الأرمن.
بقلم … مارينا أراكيليان أرابيان
Marina Arakelian Arabian
Discussion about this post