الشاعر … ياسين عزيز حمود
لا تزعلي …
كالسَّوسنِ المَطلولِ ما بينَ الرُّبى
آنسْتُ وجْهَكِ ذي الجمالِ الأكملِ
وشممْتُ عِطرَكَ في ينابيعِ الصَّبا
كالنَّفحِ إذْ عطرُ الزّنابقِ ينجلي
شفةٍ رشفْتُ خمورَها دَفيانةً
بضُحى الصَّبابةٍ كالرَّحيقِ السَّلسلِ
وعلى خدودِكِ مِنْ تلهُّفِ مُهجتي
أورادُ فجرٍ بالجمالِ مُكلّلِ
ذابَتْ قوافيَّ العبيقةُ كالنَّدى
وتسلسلَتْ يَنبوعَ عشقٍ سَلسلِ
فقّأْتُ حُصرُمَكِ الشّهيَّ بأنمُلي
ونفحْتُ بانَكِ مِنْ عبيرِ الجدولِ
أسدلْتِ شعرَكِ – يا فتونُ – مُموَجاً
فدفنْتُ وجهي بينَ موجٍ مُسدَلِ
كوَّرتُ نَهدَكِ منْ أناملِ لهفتي
حتّى تفلّكِ فوقَ مرجٍ مُخملي
وسمعْتُ هينمةَ الرّبيعِ معَ الضُّحى
والحبُّ هوَّمَ في مَشارفِ منزلي
فرنَوْتُ نحوَكِ مثل صوفيٍّ رأى…
فالتاعَ فيهِ لوعةَ المُتأمّلِ
ومضى يُناجيهِ على دربِ النّوى
في وِردِهِ المُتخشّعِ المُسترسِلِ
قد كانَ لي هذا الفضاءُ مُنمنَماً
والنّاي تشدو للهوى إذْ كُنتِ لي
إذْ رحْتُ أشدو في رِحابِكِ عاشقاً
فعلَ العَكُوفِ العابدِ المُتوَسّلِ
ورعيْتُ حُبّكِ في سكونِ تهجُّدي
أسمعْتِ في أُفقِ الصباحِ تهلُّلي؟!
مِنْ صُبحِ جِيدِكِ قد نسجْتُ قصائدي
كحّلْتُ جفنَكِ مِنْ عطيرِ تبتُّلي
لوّيْتِ جيدَك يومَ رحْتُ مُعاتِباً
أرنو إلى عينيَكِ غاية مأملي
والنّاي ثملى والرُّعاةُ على الرُّبى
أيّامَ كنّا في الشّبابِ الأوّلِ
تَبديْنَ كالفجرِ الوَليدِ مَلاحةً
لأَطيلَ فيكِ تولُّهي وتأمُّلي
قد مرَّ بي نَحلُ الصّباحِ مُرَنِّما
يمضي إلى روضِ الرَّبيعِ المُقبِلِ
ليهزَّ بي غصنَ الحنينِ إلى الصِّبا
ليتَ الصِّبا – يا فتنتي – لم يرحلِ
سأعودُ وحدي باكياً مُتحسِّراً
صمَتَ الغديرُ وماتَ صوتُ البلبُلِ
وأكادُ أسمعُ شَجْوها مُترَدِّداً
يا شاعري , يا شاعري ! أتعودَ لي ؟!
شاخ الرَّبيعُ , وأخرفتْ أعمارُنا
يا فتنتي , رحلَ الصِّبا لا تسألي
هل تذكرينَ لقاءَنا وعهودَنا
لا تزعلي – أحبيبتي – لا تزعلي
من ديواني آلاء الأصيل
Discussion about this post