ماذا تبقّى منك أيها العمر الشّقي
لا أحلام لا أمنيات
لا ذكريات تطل
تبدو غريبا …كئيبا لا تملك شيء
منذ البدايات وأنت تعافر
الكذبة الكبرى تمثيلية
…بإخراج عربي
أولها حينما هبّوا جميعا
ألا احموا النّبي
ألا يعلمون أن نبيّ الله
يحميه العلي..أوهمونا طيلة قرون
أنّنا من حرّر الأرض بسيفنا الأبي
وان الغزاة هزموا..ببطولات
وفتوحات الإسلامي
هو الزيف الذي سرى
ملأ عروقنا بوهم سرمدي
وحده الله من يعلم من انتصر
ومن كان القوي
قتالا واقتتالا، على الكرسي
تبّت يدى البدايات اللّئيمة
بخّرت ثوابتك يا علي
لم يبق من رسائلك
الا التزاحم، والتلاحم والقنابل
صدأت سيوفنا ،وتكسّرت العصي
ماذا تبقّى لديك أيها العمر الشّقي؟
صدم اللّيل فغارت نجومه
تحت الدّسائس والوساوس
لا صوت يعلو فوق العويل
لا جرس يرنّ…لاماذن تعتلي
تغيّر رسمك…تشوّه…تبدّل
حتى صرت تتّهم بالوفي
غارو على اسمك …
صرت شبيه الوطني
ماذا أسمّيك بعد كل هذه الهزائم
غير الشّقي
صراخ هنا…بكاء هناك
خراب هناك…حطام هنا
مات الشّهيد…سقط الجندي
دمى تحرّكها الأوغاد
باعوك بثمن بخس…أيّها الأبي
دمار الرّوح يدوي بالفضاء
المقابر تملأها جثث الغرباء
صفّارة الظّلم …تحدث زلزلة ودوي
الوجوه ضاحكة هناك…
…القلوب باكية هنا
لا أحد من بني هذه الأرض سوي
غرباء نحن أيّها الوطن
وحدك من يلحظ فوضانا
وحدك من يشتمّ رائحةدماءنا
ووحدك تشهد كيف يموت الشرفاء
ليحي القوي
وحدك من تتسامر مع السّجناء
بفيضك وعطاك السّخي
ماذا تبقّى منك أيها العمر الشّقي؟
تدحرجت وريقاتك
تحت وخز الضربات
تهاويت من الشّرفات
ُسئمت الرذائل أيها التّقي
السّراب يلف أطرافه
ليرمي بها إلى بؤرة الخيبات
تدمع أضلعك الهزيمة
لم يبق بجوفك أيّ شيء
ماذا تبقى منك
لتنفخ على فحم الذكريات
زجّ بك أخيرا بقبو رديئ
فماذا تبقُى منك أيها الشقي؟
الظلام يحوم بكل الأجزاء
وحدها نملة البدء ترمق ما تجلّى
وتلتقط فتات الوقت بإصدار سوي
ووحدها من تمزّق شرايين الصّعاب
عنيدة نملة البدء تكرّر التجربة
بإصرار واقتدار لا ينتهي
كم أنت عظيم أيها الطّين
تلطّخ كل الوجهات…وكل الزوايا
تتشكّل فتًشكّل أصداءا ولا ترتوي
عطشى أوردة الحنين والأمنيات
يخاصمها الوقت…والمقت
تسقط ببراثين الزمن الشجي
أيتها النخلة القابعة بروضة المنتهى
ما بيني وبينك سلوى الفؤاد
وكل الذكريات البهيّآت
والرّطب الشّهي
مالها المرارة تحوم لتكنس
ما طاب من ردهات الزمن البهي
ماذا تبقّى منك أيها العمر الشّقي ؟
لا أحلام ترواح الرّوح
كل شيء يبدو ببهتة الخيبات يسري
سريعا …شنيعا …لا يفقه شيء
تدور أحداثه بين الطيف والزيف
بين الكيف…والحيف
بين الوقت والسيف
بين مترادفات وصراعات
لا طهر ببيتك يا ابراهيم
كل الأشياء تداخلت …تناحرت
يبدو الشقاق …والنفاق
في ما بينها قوي
فماذا تبقّى منك أيّها العمر الشّقي؟
لا قبلة ولا صراط لنا
لا شاهدا ولا رقيبا هنا
كل شيء ببؤرة الأحزان كئيبا
لا نخشى النهايات…لا نرهب شيء
ماذا تبقّى منك أيها العمر الشّقي؟
كل اللّعنات صوّبت تجاهك
كل الطّعنات غربلت جسدك
لم يبق لك مكانا تختبئ فيه
كل الرّدهات أغلقت
صرت خارج بوتقة الصبر
فماذا هيُأت للقبر أيها التّقي
أمازلت للخلاص ترتجي ؟
فما تبقّى منك أيها العمر الشّقي؟
كلمات :
الشاعرة العربية
نجوى النوي
تونس
Discussion about this post