《ما أفلحتْ عجمٌ و لا عرَبُ》

《ما أفلحتْ عجمٌ و لا عرَبُ》

اليوْمَ أذْرِفُ دمْعَ قافِيَتي

لأقولَ إنَّ الشِّعرَ مُكْتَئِبُ

اليوْمَ أدفِنُ في الثَّرى قلَمِي

لأقُولَ: قد خَرَّتْ بنَا الطُّنُبُ

اليوْم أهْرِقُ دَمَّ مِحبَرتِي

ماعادَ لي في كلْمَتِي أرَبُ

اليَوْمَ أخْلعُ نَخْوتِي مِزَقًا

والدَمُّ في الشّريَان يَنْتحِبُ

قد كَانَ لي أمَلٌ بمُعجِزةٍ

أنْ يَسْتفيقَ مِنَ الكَرَى الهُدُبُ

لكنْ أقُولُ بِمِلْءِ خَيْبَتِنا:

ما أفْلحَتْ عجمٌ ولا عَرَبُ

…هَذِي مَغَانِي غزّةٍ بُؤَرٌ

غاصَتْ بهُوَّةِ دمِّها الرُّكَبُ

ورُبُوعُها بِيعَتْ بلا ثَمنٍ

عَبَثَتْ بِتبْرِ تُرابهَا النُّخَبُ

وبُغَاةُ هَذي الأرضِ مِنْ دَمِها

عُبُّوا..خَفافِيشًا.. ومَا تَعِبُوا

في عالَمٍ قد باعَ نخْوتَهُ

والنّارُ فوْق صَفيحِهِ لهَبُ

حتَّى القَوافِي بِالأسَى ثُلِمَتْ

والدّمعُ فوْق مِدَادِها قِرَبُ

يا ليْتَ أوْطانَ الهَوانِ غَدًا

فِي دَكّةِ الأمْجَادِ تَنْتَصِبُ

وطُغاةُ هَذَا الكوْنِ قد دُحِرُوا

وعلَى جِدارِ الجوْرِ قَد صُلِبوا

ياليْتَ.. ليْتَ.. وليْتَ أخْيلةٌ

أحلامُ نبْضٍ شَفّهُ الوَصَبُ

أوْهامُ داليةٍ حُبْلى بأمْنيةٍ

والرّحمُ خَاوٍ ما بِهِ عِنَبُ

هل أكْتفِي بسَرابِ أمْنيةٍ

قد شفّها التّخْمينُ والكَرَبُ

والنّبْضُ مَكْلُومٌ و مُكْتَئبٌ

والحَرفُ مثْلُومٌ ومُغْتربُ

أم إنَّ حرفِي سَوف يُسْعفُنِي

بَوْحًا أصِيلًا ما بهِ كَذِبُ

فأقُولُها وقَصِيدَتي أملٌ

في النّبْضِ والأقْلامِ يَلْتَهِبُ :

“رَغْمَ النَّشِيجِ بِثَغْر مِعزَفِنا

مازَالَ في أوْتارِنا الطّرَبُ

حتَّى وإنْ غِيلَتْ طُفُولتُنا

مازالَ في أحلامِنا اللّعِبُ

حتّى وإنْ كُمَّتْ حَناجِرُنا

ما زالَ في أقْلامِنا الغضبُ

حتّى وإنْ جَفَّتْ مَرابعُنا

مازال في أعذَاقِنا رُطبُ

حتّى وإن شَحّتْ مَنابعُنا

مازال في قلْبِ الثّرَى العَجَبُ

لنْ نقبَلَ الأوْطانَ مُعتَقَلا

ما دام في أقَدامِنا اللّهبُ

مازال عِشْقُ الأرضِ يَسْكُنُنا

يغْفُو على عِطر الثَّرَى الهُدُبُ

في فَيْئِها تَشْدُو عَنادِلُنا

ثَمْلَى..و يَزْهُو التينُ و العِنبُ

يا ربُّ يَسِّرْ عُسْرَ مِحنَتِنا

وأفضْ سَلامًا جُودُهُ قِرَبُ

قدْ عَبَْتْ الأوْصابُ منْ دَمِنا

فاجْعلْ فُلُولَ الحِقْدِ تنْسَحِبُ

واجْعلْ هُطولَ العَدلِ غَامِرَةً

أرضًا سَقاهَا الغدرُ والشّغَبُ

واجْعلْْ رُبُوعَ الجَوْرِ سادِرةً

قدْ لفّها الإرجْاَفُ واللَّجَبُ

وخَميلُ فيْء الأمْنِ يمْهُرُنا

ظِلّا ظَليلًا ما بِهِ وصَبُ

《سعيدة باش طبجي☆تونس》