بقلم الكاتب الصحفي
سـعـيـد الخـولـى
مسكين هذا المخلوق الذى بذل شقاء وتكلف عناء على مدار تاريخه للإنسانية وما وجد إلا كثيرا من الجحود وقليلا من الرفق والحمد لتفانيه فى خدمة بنى آدم، وأخيرا ومنذ سنوات خمس وجد من البشر من يوفيه بعض حقه ويطالب بيوم عالمى له ،وبالفعل صار العالم يحتفل باليوم العالمي للحمير في 8 مايو من كل عام، وهو حدث مخصص للتعرف على هذا الحيوان الدؤوب وإبراز صفاته المميزة وخدماته للبشرية.
الاحتفال الأول بالحدث كان في عام 2018 عندما دشن أرك رازق، عالم متخصص في الحيوانات، اليوم العالمي للحمير بعدما أنشأ مجموعة مناقشة على موقع “فيسبوك” حول هذا الحيوان.
ووفقا للعالم المختص، فإن الحمار حيوان دؤوب لم يتم الاعتراف بمساهماته في تنمية البشرية، إذ قدم خدمة هائلة للإنسان لسنوات عديدة، وساعد في ازدهار المناطق ذات المناخ القاسي والتضاريس الصعبة، وعزز دوره بشكل عام من جودة حياة الأفراد في جميع أنحاء العالم.
ومما قرأت عن هذا الحيوان ما قدمه موقع peta من الحقائق المثيرة والمبهجة عن الحمار في اليوم العالمي لهذا الحيوان، ويعلم كثيرا منها الفلاح في الماضى حين كان الحمار سلاحه الأهم بين البيت والحقل،وأهم تلك الحقائق أن الحمار يمتلك ذاكرة حديدية ،وبدون مبالغة إذا تحدى إنسان حمارا في إحدى ألعاب الذاكرة فسيخسر الإنسان، لأن هذه الحيوانات قادرة على تذكر الأماكن التي زارتها من قبل والتعرف على أصدقائها الحمير ولو لم تتلاق منذ 25 عامًا.!
الحمار أيضا يمتلك وعيا بالسلام ويخشى المواقف الخطيرة ويبذل قصارى جهده للابتعاد عنها.
أما عن النظافة وحبها فالحمارمثل كل أتباع فصيلة الرئيسيات، تحب الحمير وتتعاون في تنظيف بعضها البعض. كذلك لا تتناول الحمير طعاما غير صحي بل ترفض شرب الماء المتسخ.
وعلى مستوى المشاعر فالحمار حيوان اجتماعي يشعر بالوحدة عندما يكون بمفرده وينزعج برحيل صاحبه.
ورغم كل ذلك فالكثيرون ممن بيدهم الأمر هنا وهناك يتعاملون فى كثير من الأحيان مع من هم دونهم ويقعون تحت سيطرة قراراتهم وكأنهم من جنس ذلك الحيوان المهضوم الحق بين بنى البشر؛فهو فى نظرهم لايفهم ولايعمل إلا بالقوة الغاشمة ولا يطالب بحقوقه وقد منع حق الكلام،وإذا تكلم فكلامه فى نظرهم من باب أنكر الأصوات لايطيقون سماعه،وإذا أوصلوه إلى حافة مأزق يحتاجون أن يحملهم ويعبروا مأزقهم فوق ظهر ذلك الحمار فالعصا هى الوسيلة كى يرغموه على حملهم إلى الشاطئ الآخر من تلك المآزق،وبعد كل ذلك يستطيبون أن يركبوا ويدلدلوا أقدامهم على جانبى بطن الحمار كى يعود بهم إلى أماكنهم اعتمادا على أنه يحفظ الطريق عن ظهر قلب.
..وعجبا لهؤلاء وهم يتعاملون مع البسطاء الشغيلة هذه المعاملة وقد وقر فى ظنونهم أن لهم الأفضلية عليه وأنه يظل فى نظرهم حمارا لايفهم ولايستطيع أن يحل محل أى منهم فيما يقوم به،وعلى ذلك فعليه أن يرضى بما يوضع أمامه وقت أن يريدوا ،وأن يفهم مغزى منعه وقتما يريدون أيضا فلا يرفض ولايرفس ولا يسمعهم صوته بالنهيق!
إنهم يحرمونه أبسط حقوقه التى منحه الله إياها من وجوب حسن المعاملة والرأفة به والامتنان له وهو يقضى لهم مايصعب عليهم،كل هذا التسخير من الله لم يقنع كثيرين بوجوب شكر هذه النعمة والرحمة بهذا المسخر لهم،فما بالك والأمر ينعكس على بنى آدم ممن يستسخرون غيرهم من بنى جلدتهم وجنسهم فيتعاملون معهم ومع احتياجاتهم ومعاناتهم بنفس منطق التعامل مع هذا الحمار،فهم يصنعون الأزمات بسوء سياسة الأمور ويعلون سدود المشاكل ويعمقون بحار المعاناة ثم ينظرون من علِ وينتظرون ظهر هذا الذى يرونه حمارا كى يمتطوه ويعبروا ما صنعوه من أزمات ومشاكل ومعاناة يتحملها المسكين فيفلح فى العبور أو ينفجر أو ينتحر أو قد يهوى بمن فوق ظهره فى هوة عميقة لايخرج منها كلاهما..
وفى الوقت الحالي يعيش بالعالم أكثر من 44 مليون حمار، وهي تأتي في جميع الأشكال والأحجام وهناك أكثر من 186 سلالة لهذا الحيوان، وتبعا للإحصاءات عن عدد الحمير في مصر حاليا فإنها تبلغ 1.8مليون حمار بما يعنى أن مصر وحدها تمتلك قرابة 4% من هذا الحيوان على مستوى العالم،على أن هذه الأعداد في تناقص مستمر ليس فقط بسبب التجارة غير الشرعية بل لعدم الاهتمام برعاية الحمير نظرا لأنه لا يلقى اهتماما من الجميع فضلا عن تناقص الاستخدام له مع انتشار الميكنة الزراعية والعربات والجرارات بديلا للحمير في الريف.
Discussion about this post