“المال والبنون” – رواية الأقدار المتشابكة –
بقلم : سلمى صوفاناتي
في حيٍ شعبيٍّ تتراقص فيه ظلال الذكريات كأوراق الخريف، وتتهامس جدرانه بحكايات البشر، تتداخل الأقدار في لعبةٍ قاسيةٍ يحركها القدر بيد خفية. هناك، تحت سماءٍ واحدة، يعيش “سلامة فراويلة” في بحبوحة العيش، محاطاً بأولاده كالسلطان في قصره، بينما يقبع “عباس الضو” فوق سطح البيت، في غرفةٍ صغيرةٍ تروي قصة الفقر والصمت.
تبدأ الرواية حين يلتقي القلبان البريئان: “يوسف” ابن السطح والهموم، و”فريال” ابنة القصر والذهب. حبٌ نقيٌّ كندى الصباح، لكن المجتمع بطبقاته المتصلبة يقف حاجزاً بينهما، كسورٍ عالٍ يفصل بين عالمين. ورغم الصداقة القديمة التي تربط الأبين، سلامة وعباس، إلا أن شروط الزمن القاسي ترفض أن تلتقي الضفتين.
لكن خيوط الماضي لا تُنسى، ولا تُدفن تحت تراب النسيان. فقبل سنوات، وقف الرجلان أمام محكمة الاختيار لدى “الخواجة”، تاجر الآثار الغامض، الذي كان يسرق تاريخ مصر وينهب كنوزها. وعندما حانت لحظة الرحيل، وُضع المال الحرام أمامهما كاختبارٍ للضمير: فانحنى سلامة للجشع، بينما وقف عباس شامخاً بشرفه، فقيراً لكنه أغنى الملوك.
تمر السنوات، ويُسحق عباس تحت عجلة الظلم، فيُلقى به في غياهب السجن، بينما يبني سلامة مملكته على أطلال الأخلاق، عرشه من ذهبٍ مسروقٍ وضميرٍ نائم. لكن العدل الإلهي لا ينام إلى الأبد. يعود “يوسف” بعد رحلةٍ طويلةٍ من المعاناة، حاملاً في قلبه جراح الماضي، ليكتشف الحقيقة المرة: أن ثروة أبيه بنيت على دموع الآخرين. وفي النهاية، يتوج القدر هذه الملحمة الإنسانية بزواج يوسف وفريال، وكأن الأيام تبتسم لتعويض ما مزقته الأطماع، لتبدأ صفحة جديدة من المصالحة، حيث ينتصر الحب على الجشع، والشرف على المال.
صراعٌ بين بريق الذهب وطهارة النفس، وقصة حبٍ تُذيب جليد القسوة.
“المال والبنون” – مسلسلٌ مصريٌّ خالد، نُقل إلى الشاشة في جزأين (1993، 1995)، من تأليف : محمد جلال عبد القوي، وإخراج :مجدي أبو عميرة ، وبطولة نخبة من العمالقة: عبد الله غيث، يوسف شعبان، أحمد عبد العزيز . إلى جانب نخبة من ألمع نجوم مصر . تحفة فنية ترويها الأجيال، كأنها سبحةٌ من الدرر، كل حبة فيها قصة، وكل قصة فيها عبرة …
Discussion about this post