كيف نجعل الأديب والشّاعر
في حالة بريق دائم ؟
الدكتور عبدالكريم الحلو
مقدمة:
في كلّ الدّنيا يتبدّل البريق بتبدّل الضّوء
وتغلب فيه اللمعة الزّائفة على النّور الحقيقي، تبرز الحاجة المُلحّة إلى أن يظلّ الأديب والشّاعر في صورة بريق دائم
لا بريق المظهر
بل بريق الجوهر، ذلك الّذي لا تُطفئه العواصف، ولا تُبهتُه الضّوضاء العابرة.
إنّ خلود الأديب لا يُقاس بعدد ما نُشر له
ولا بكثرة ما كُتِب عنه
بل بمدى تأثيره العميق والمستمرّ
في الوعي والوجدان.
أولاً: الاعتراف بأنّ الفتور مرحلة طبيعيّة :
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
* الفتور ليس فشلًا بل هو جزء من المنحنى الإبداعي، مثل المدّ والجزر في البحر.
* إنّه لحظة ضروريّة لإعادة التّوازن، وفرصة لصقل التّجربة وتغيير الزّوايا.
ثانيًا: التّجديد الدّائم في أدوات التّعبير :
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
* لا بدّ من كسر النّمطيّة في اللغة والأسلوب والموضوع،
* فالرّكود يولّد الملل، والتّكرار يطفئ البريق.
* على الشّاعر والأديب أن ينفتح على أجناس أدبية جديدة،
أن يكتب الرّواية بعد الشّعر، أو المقال بعد القصّة…فالتّجريب يولّد الإبداع المتجدّد.
ثالثًا: التّغذية الرّوحيّة والفكريّة المستمرّة:
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
* القراءة العميقة، الحوار مع الفلسفة، الغوص في الجماليّات،
* تُعيد للنفس بهجتها، وللعقل دهشته.
*
* من لا يقرأ بشكل دائم، لن يكتب بشكل مستدام.
* فالنّص الجيّد هو صدى لنصوص قُرئت وتُؤمِّلَتْ لا محالة.
رابعًا: تجديد العلاقة مع العالم والطّبيعة :
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
* أحيانًا الفتور ليس سببُه الأدب نفسه، بل عزلة الأديب عن الحياة.
* فالخروج من الدّائرة المغلقة إلى العالم، ومراقبة النّاس، والسّفر،
كلُها تعيد الشّرارة الأولى.
خامسًا: الانفصال المؤقّت الواعي :
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
* على الأديب ألّا يخشى التّوقّف الواعي.
* فالانقطاع أحيانًا شرط للعودة بقوّة.
* لا ضير أن يُعلن الأديب “صمته المؤقّت” ليتأمّل، ليقرأ ذاته من جديد.
سادسًا: التّقليل من الهوس بالنّجوميّة :
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
* من يرتبط إبداعه بمقدار التّصفيق والتّفاعل، سيسقط حين يسكت الآخرون.
* على الأديب أن يرتبط بالنّص، لا بالمجتمع حول النّص فقط.
سابعًا: الصّداقة الصّادقة مع النّقد :
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
* لا شيء يُنعش الكاتب مثل نقد حقيقي يكشف له نقاط الضّعف ويقترح له أفقًا جديدًا.
* لا بدّ من النّاقد المرافق المرآة ،لا المصفّق.
خلاصة القول :
* الكاتب أو الشّاعر الّذي يريد بقاء البريق،
عليه أن يكتب كمن يكتب لأوّل مرّة،
* ويقرأ كمن لم يقرأ من قبل،
* ويتواضع كمن لم يُعرَف بعد.
* فالبريق ليس في الظّهور الدّائم، بل في الضّوء الصّادق،
* والخلود الأدبيّ لا يُصنع من كثرة النّصوص بل من صدق التّجربة وعمق الرّؤية.
* ودائمًا، على الأديب ألّا ينسى:
* “ أنّ الكلمة الّتي تنبع من القلب، لا تموت،
* وأنّ الإبداع الحقيقيّ لا يشيخ، بل يتوهّج كلّما لامس الحياة بصدق.”
مع محبتي
وتقديري واحترامي
الدكتور عبدالكريم الحلو
Discussion about this post