عماد مصطفى
تُعد جمعية “سور” من أبرز المؤسسات الثقافية التي تعمل على الحفاظ على التراث السوري في ظل التحديات التي تواجهه. في الآونة الأخيرة، ن
ظمت الجمعية محاضرتين علميتين حول العمارة التقليدية في منارة حلب القديمة، مما يعكس التزامها العميق بتعزيز الوعي الثقافي والمعماري في البلاد. قدّم المهندسان المعماريان محمد البارودي وأمين صعب محاضرات تناولت تاريخ العمارة الدينية والمدنية في سوريا، والتي تُظهر التغيرات التي شهدتها هذه المجالات عبر العصور.
في المحاضرة الأولى، سلّط المهندس البارودي الضوء على “المسجد والمدرسة في دمشق”، حيث تناول تحولات العمارة الدينية وأهميتها في الحياة الاجتماعية والثقافية. أشار إلى كيفية تطور المساجد إلى مدارس عبر الزمن، وكيف كانت هذه العملية تعكس التغيرات الاجتماعية والثقافية التي مرت بها البلاد. هذه المحاضرة لم تكن مجرد عرض للأفكار والتاريخ، بل كانت دعوة للتأمل في كيفية تأثير العمارة على الحياة اليومية ووجود المجتمع.
أما المحاضرة الثانية، التي قدمها المهندس صعب، فقد تناولت الخصائص الفريدة للبيت الدمشقي مقارنةً بالبيت الحلبي. أشار صعب إلى العناصر المعمارية والمواد البنيوية المميزة لكل نوع من البيوت، مما يعكس الهوية الثقافية لكل منطقة. اعتبر صعب أن “البيت الدمشقي يحمل تفاصيلَ تُعبّر عن تاريخ المدينة”، مما يبرز أهمية فهم العمارة كجزء من الهوية الثقافية والمكان.
تعتبر هذه الفعالية جزءًا من جهود جمعية “سور” الرامية إلى الحفاظ على الهوية الثقافية السورية، خاصةً في ظل الظروف الحالية التي تشهدها البلاد. في تصريحها، أكدت المهندسة ثريا زريق، مؤسسة ورئيسة مجلس إدارة الجمعية، على أهمية هذه الأنشطة في تعزيز الوعي بالتراث الثقافي السوري. وقد أسس الجمعية، منذ انطلاقتها، لإقامة 21 محاضرة أكاديمية، مما يبرز التزامها برفع مستوى الثقافة والتوعية في المجتمع المحلي والدولي.
ونلفت النظر أن الجمعية تعمل أيضاً على تطوير برامج توعوية للأطفال، الذين نشأوا خلال الأزمات وفقدوا التواصل مع جذورهم الثقافية. تعتبر تلك البرامج ضرورية لإعادة بناء الهوية الثقافية في نفوس الناشئة، حيث يهدف القائمون على الجمعية إلى تقديم صورة مشرقة عن التراث السوري، ليتجاوز الأطفال مشاهد الدمار ويستعيدوا الفخر بتراث أجدادهم.
شاركت في الفعالية عشرات الشخصيات المهتمة بالتراث من داخل البلاد وخارجها، مما يبرز الاهتمام الكبير الذي تحظى به هذه الأنشطة في تعزيز الهوية الثقافية ونشر الوعي حول التراث. إن التعاون مع مؤسسات أكاديمية مثل معهد “فخري البارودي” للتعليم المعماري يعكس الجهود المبذولة لتوسيع نطاق هذه المبادرات وزيادة تأثيرها.
بالمجمل، تعتبر جمعية “سور” منصة رائدة في توثيق التراث السوري وتعزيز الوعي الثقافي، وتُعدّ هذه المحاضرات جزءًا من استراتيجيتها الأكبر لإحياء الهوية الثقافية في ظل الظروف الاستثنائية التي يمر بها البلد.
Discussion about this post