أثر ظاهرة سكان ” الكمبوند ” على المجتمع ٠
بقلم : السّعيد عبد العاطي مبارك الفايد مصر ٠
في البداية كانت جميع المستويات من الشّعب تعيش في المدن مع بعضها في حارة و شارع أو حيّ شعبيّ أو راقي في مجاورة و تقارب و مصالح مشتركة بمثابة خلايا متناغمة متفاهمة برغم الفروق الفرديّة من مستوى علميّ أو اجتماعي و طبقيّ متفاوت لكنّه متلاحم في حالات الحزن و الفرح و المشاركة المجتمعيّة و الزّمالة وفي الدّراسة و في الملاعب و شتّى المناسبات مع الجميع ٠
حيث كان المجتمع يتكوّن من ثلاث طبقات طبقة غنيّة و طبقة فقيرة و طبقة وسطيّة هى الأكثر حصرا و تمثّل سكان الدّولة فهم الكتلة الكُبرى الفعّالة و هم شخصيّتها و هويّتها المعروفة في الدّاخل و الخارج و معيار و مقياس معالم و أركان الدّولة الوطنية الموحّدة بكافة طوائفها و شرائحها المختلفة
و هي المزاج الفعليّ و النّفسيّ بمثابة المرأة الحقيقيّة لرصد أيّ متغيّرات و تطوّرات و أحداث بين الماضي و المستقبل معا ٠
فجأة ظهرت المدن السّياحيّة وفكرة ( كمباوند ) الدّخيلة على المجتمع و الّتي صنّفتها بشكل جدبد خارج مسار الطّبقات من زوايا أخرى بمثابة شبح مخيف كما سنتعرّف على ذلك ٠
و بالتّأكيد ( الكمبوند ) تعريفا هو عبارة عن مجموعة من الوحدات السّكنيّة المختلفة بجوار بعضها فى مكان معيّن بعيدا عن المناطق السّكنيّة ، و له أشكاله و سكّانه و أسلوب معيشة و حياة تختلف عن سواد الشّعب شكلًا و مضمونًا و كمْ و كيفَ هلمّ جرا ٠
و من ثم نجد أبسط شكل ( العلاقات ) اليّوميّة شبه عدومة بل و منفصلة دولة داخل دولة ، لها أنماط و سلوك و طبيعة غير الدّولة الأمّ منفصلة فكراً و وجداناً و تعاملاً – قولاً و فعلاً – و فلسفة و نظرة مجتمع غريب و دخيل على النّاس بمثابة غُرفة زجاجيّة يسكنها هذا النّوع و الشّعب ينظر إليهم من خلف تلك الحواجز البلّورية و الإطار الذّهبي الفضّي في تفرقة أشدّ من العنصريّة و عزلة طبقة و تهميش لباقي المجتمع ٠
كانت جميع الطّبقات و المستويات منخرطة مع بعضها في بوتقة المجتمع في روح الانتماء ( فقير غني ، متعلّم ،أُمّ. ي ) يشعروا ببعض في الأزمات و الحالات الحرجة ٠٠
و الشّباب يصلون مع بعض في المسجد ، و يتعلمون مع بعض في المدارس و الجامعات ، و يلعبون في السّاحات و الملاعب و علي الشّواطىء يتلاقون في الصّيف ، ويتجمعون و يسهرون و يعملون في ميادين العمل المختلفة بجوار بعض ، حقا إنها زمالة جميلة ومتينة و قوية نسيج واحد برغم التّفاوت في المعيشة لكنهم في الحارة و الحي و محراب التعليم ملاصقين في توأمة و مشاعر و أحاسيس و تزاور و عملية تأثير و تأثر ٠٠
و ربما يحب شاب فقير فتاة من طبقة غنية و اجتماعية مختلفة و يتزوج منها و العكس أيضا ٠٠
مجتمع في ثنائية لا انفصام فيه ٠
لكن مع ظهور عالم [الكمبوند] وقالبه الانفصالي في عزلة تامة و تجريد المشاعر و التّفكير و استخدام لغة خاصة للتفاهم و التّعامل و الحوار مع بعضهم البعض ، و النّظر إلى غيرهم بنظرة لا تمت بصلة إلى الأصول و الجذور مع التّهميش و النشأة الجديدة في المعاملات و الآداب حياة لا نعلم عنها شيئا مجرّد إنّهم في البطاقة و الشّهادة من هذا البلد وفقط !٠
في ( الكمبوند ) السّكني حياة منفصلة ولايات قائمة بذاتها منذ الحضانة حتى الجامعة و السّيارات لها مسارات أُخرى و أسماء الأشياء بمسمّيات غريبة نجهلها و الملابس و الأطعمة ثقافة لا نعلم عنها شيئاً و النّظرة الدّونية للأخرين مع التّجاهل أصلا منذ الولادة داخل هذه الكائنات حتّى التّعلّم و الوظائف و مراسم الأفراح و الأحزان و التّّفكير، و مقابرهم و مدارسهم و جامعاتهم و أسواقهم و حبّهم و بغضهم و استقدام خدم من الخارج تعاملات مجهولة ٠٠
و لهم مفردات خاصة و مدن سياحيّة خاصّة و مطارات خاصة ٠٠ الخ ٠
أتحدى أي واحد منا أن ينقل لنا تجربتهم الذّاتيّة و حياتهم اليوميّة ، فهم مغلفون داخلها و خارجها ، و البوابات ذكية و حراسة ممنوع الدّخول قطعيا ً٠
مجرد كائنات من كوكبنا ينتمون اسما لا حياة فعالة مشتركة ، فأنّى لنا معرفة أبسط الأساليب عن حياتهم ٠٠!٠
يمرّون علينا بسياراتهم الفارهة المفوّمة باللون الأسود و لا يتوقّفون بيننا في أي تجمّع ٠
بالأمس القريب كان يجمعنا طابور المدرسة و إذاعة المدرسة و نشيد و تحيّة العلم و الجلوس بجوار بعض ورحلات و زمالة مقدسة برغم الفوارق الاجتماعيّة و في المناسبات نمتزج كانت صورة ولوحة تمثّلنا وتجمعنا حقيقي ٠٠
و في النّهاية نقول نعم إنّها فلسفة الفقد ، فقد فقدنا جزءًا أصيلا من المكون الأساسي و الرّئيسي في مقدمة هذا الوطن ٠
ربّما نعلم عن دول الجوار و العالم الكثير ، و لا نستطيع هنا أن نعلم عن هذه الكائنات الّتي تعيش في ( الكمبوند ) المتعدّد و المنتشر و المتغلغل في جميع الجهّات الأربع
بيننا ٠
و كأنّنا نحن في سجن و هم في جنة بيننا الأسوار الشّائكة تفصلنا و مكتوب على المداخل ممنوع الدّخول و الاقتراب و التصوير ، يا لها من عزلة و غربة للذات و الواقع فهل يفرقنا وطن ؟!
فضياع هذه الأطراف المهمة منا بمثابة إضعاف للجسد و تشتيت للروح و الشّعور بالعجز و النّقمة على المجتمع ٠
و أخيرا لا زمالة و لا روح تعاون و لا مصاهرة مجرد هنا الكلّ يحمل الجنسيّة و اسم الوطن ٠
و على الله قصد السّبيل ٠






































