ما أحوجنا إلى ثقافة الاستباق والتّوقّي من المخاطر!!
ــــــــــــــــــــــــــــــ
لا ينفع العقّار فيما أفسده الدّهر ..
وإن كان الدّهر برّاء من ذلك
وللّه درّ القائل:
نعيب زماننا والعيب فينا *** وما لزماننا عيب سوانا
إنّ القصد من الاستباق هنا، التّغلّب على الشّيء وسبقه، كما في الآية القرآنيّة: “فاستبقوا الخيرات”، إذ أنّ الإنسان الّذي يستبق المخاطر أو الكوارث يتغلّب على وقوعها.
لكنّ مجتمعاتنا وحكوماتنا للأسف الشّديد لم تستوعب كلّ الدّروس السّابقة، ولم تتعلّم أو تعتبر رغم كمّ الحوادث المأساويّة الّتي وقعت وأدّت بحياة عدد كبير من أفراد المجتمع وآخرهم اليوم، أبناؤنا التّلاميذ شهداء التّعليم في معتمديّة المزّونة بمدينة سيدي بوزيد رحمهم اللّه.
فمتى سنستفيق؟ ومتى سنتعلّم أنّنا في حاجة لبناء ثقافة السّلامة؟ متى سندرك أنّ التّأهّب والإسراع في التّدخّل واتّخاذ القرارات النّاجعة هو السّبيل الأنجع للتّوقي من الأحداث المأساويّة المتوقّعة وغير المتوقّعة؟
لقد ظلّت ثقافة التّوقّي من المخاطر في بلادنا باهتة أو غائبة على حكوماتنا ومسؤولينا ومجتمعاتنا، رغم تتالي المصائب والفواجع. فكم من بناية في بلادنا تعاني من الإهمال؟ وكم من شبكة بنية تحتيّة تعاني من الاهتراء؟ وكم من شارع وزقاق ومكان يعاني من ضعف منظومة المراقبة؟
الآن، نعم الآن نحن في أشدّ الحاجة إلى الإهتمام بهذه المباني القديمة والآيلة للسقوط.
الآن علينا القطع مع سياسة الإهمال المتواصل والصّمت الطّويل لأصحاب القرار، ومحاسبة كلّ مسؤول متخاذل لا يقوم بدوره ويستهتر بأرواح النّاس.
الآن على الجميع أن يعي ما تمثّله هذه المباني من خطر على سلامة الأفراد والجماعات، فضلا عمّا تشكّله من نشاز وإفساد للمشهد العمراني والجمالي.
اليوم نحمّل المسؤوليّة لكافة الأطراف، وخاصّة السّلط الجهويّة والمحليّة الّتي لم تولِ اهتماما لوضعيّة هذه المباني القديمة والمتداعية للسّقوط سواء بالمدارس أو المعاهد والمؤسّسات والمعالم المختلفة والمدن العتيقة أو غيرها من المباني والممتلكات الخاصّة أو العامّة.
كما نحمّل مالكي العقّارات القديمة والمهملة كامل المسؤوليّة في صورة تخاذلهم أمام هذه المخاطر. وندعو إلى تفعيل القانون عدد 33 لسنة 2024 المتعلّق بالبنايات الآيلة للسّقوط. وندعو إلى التّدخّل العاجل إمّا بالصّيانة أو بالإخلاء والهدم حماية للأرواح والممتلكات.
– سفيان المسيليني –
Discussion about this post