غربة
أشعروكأنِّي الحرفُ الناقصُ في كلمةٍ تبحثُ عن اكتمالها،
ذلك الّذي يتيهُ بين سطورٍ لم تُكتب بعد،
أو الحيرةُ الُتي فرَّت من صدورِ القوافي، هاربةً من ثقلِ الإجاباتِ إلى فضاءِ الأسئلةِ المفتوحة.
أنا العزفُ المنفردُ على النّاياتِ،
تلك الّتي لا تحتاجُ إلى أوركسترا،
تعزفُ وحدها لحنًا يمتزجُ بين شجنٍ وبهجةٍ،
أعبرُ بصداهُ أزمنةً لا تعترفُ بالحدودِ،
ولا تُخضعُ الرّوحَ لمقاييسِ البداياتِ والنّهايات.
من يعترفُ لي بأنَّني مالكُ ناصيةِ اللغة؟
وهل تُمتلكُ اللغةُ أصلًا؟
هي الرّيحُ الّتي تهبُّ في حقولِ المعنى،
الرّقصُ فوق أعوادِ الرّايات،
حيثُ الانتصارُ ليسَ إلا وقفةً بين خيبةٍ وأمل.
ترى، من يجرؤ على فكِّ أزرارِ صمتي؟
من يُعيدُ لي ضجيجَ الحروفِ الّتي أضعتها في زحمةِ الأيام؟
ما عدتُ أنا الشّاعرَ في زمنِ المعلّقات،
فالقصائدُ تُركت على قارعةِ الزّمن،
تتزاحمُ مشاعري على الطّرقاتِ،
تُطلقُ صرخاتٍ خافتةً، تبحثُ عن مسمعٍ يُنقذها من التّيهِ.
ما عادَ لي شغفي القديم،
ذلك الّذي كان يشعلُ القلبَ نارًا،
والحماسُ الّذي كان يغلي في دمي ببوحٍ أليم،
صار الآن رمادًا يتطايرُ في رياحِ الذّاكرة.
لكن، أليسَ في الرّمادِ جذوةٌ خفيُة؟
أليسَ في صمتِ الحروفِ وعدٌ بانبعاثٍ جديد؟
ربّما أحتاجُ إلى الرّيحِ لتوقظَ اللهبَ الكامنَ،
إلى من يقرأُ في صمتي شعرًا،
وفي تيهي معنى.
فالنّاقصُ قد يكونُ سرَّ الكمال،
والحائرُ قد يكونُ دليلَ الطّريق.
سمية جمعة
Discussion about this post