كتب/خطاب معوض خطاب
سلطان السينما المصرية
الفنان محمود إسماعيل.. الممثل والمؤلف والمخرج
الفنان محمود إسماعيل يعد واحدا من نجوم السينما المصرية الذين تم تهميشهم والمؤسف أن معظم وسائل الإعلام لدينا تتجاهله تماما، حيث لم يتم تسليط الضوء عليه بالقدر اللائق رغم موهبته التي شهد له بها الجميع، فهو ممثل أجاد أداء أدوار الشر بطريقة مذهلة، واشتهر بملامحه الجامدة وصوته الغليظ ونظراته الحادة، وما يثير الدهشة أنه رغم قيامه كثيرا بأدوار البطولة ألا أنه لم يحظ بنفس نجومية وشهرة الفنان محمود المليجي أو الفنان استيفان روستي أو حتى الفنان محمد صبيح الذي لم يقم بأداء أدوار البطولة أبدا.
والفنان محمود إسماعيل المولود في يوم 18 مارس سنة 1914 بالقاهرة، والمتوفي في يوم 27 يناير سنة 1983، تكاد لا توجد عنه أي معلومات شخصية، وهو في حقيقة الأمر كان فنانا شاملا مبدعا متعدد المواهب، حيث كان مؤلفا ومخرجا بالإضافة لموهبته التمثيلية المتوهجة، وللأسف الشديد حصره المنتجون والمخرجون فقط في أدوار الشر، فنحن نكاد لا نراه إلا في هذه الأدوار، والتي كانت تنحصر في كونه تاجرا للمخدرات أو نصابا أو لصا محترفا.
والجدير بالذكر أن الفنان محمود إسماعيل بجانب كونه ممثلا موهوبا ومبدعا كان أيضا مؤلفا إذاعيا وسينمائيا حيث كتب عددا من الأعمال الإذاعية والسينمائية الشهيرة منها “توحة” و”عفريت سمارة” و”زنوبة” و”حبيبي الأسمر” و”الشقيقان” و”الساحرة الصغيرة”، أما ما يثير الدهشة حقا، فهو أنه حينما كتب القصة والسيناريو والحوار لبعض الأفلام وشارك في بطولتها كان يختار لنفسه أدوار الشر أيضا، فمثلا اختار لنفسه دور اللص الذي تتمنى بطلة الفيلم “طاهرة” أن ترده إلى الطريق المستقيم كما اختار لنفسه دور زكي الفيومي تاجر المخدرات في فيلم “بنت الحتة”، وهكذا فقد شارك هو نفسه أيضا في أن يتم حصره في دائرة أدوار الشر.
كما أنه قد قام بإخراج عدد من الأفلام السينمائية منها “فتنة” و”اوعى المحفظة” و”بياعة الورد” و”حب ودلع” و”جسر الخالدين” و”طريق الأبطال”، أما الأمر المثير للدهشة والإعجاب حقا فهو ما ذكرته العديد من المصادر التي أشارت إلى أنه هو من قام بوضع الموسيفى التصويرية والألحان لفيلم “ابن البلد” الذي تم عرضه في سنة 1942، وإن كان هذا الفيلم الذي قام ببطولته الفنان محمود ذو الفقار بالاشتراك مع الفنانة عزيزة أمير قد تميز بالعديد من الأمور النادرة والمدهشة، منها أن من قام بأخراج هذا الفيلم هو الفنان استيفان روستي، وأن من كتب قصة وسيناريو وحوار الفيلم هو الفنان الكبير محمد توفيق بالاشتراك مع الفنانين محمود ذو الفقار وعزيزة أمير.
والجدير بالذكر أن الفنان محمود إسماعيل قد ابتعد فترة طويلة عن السينما، ثم عاد واشترك في بطولة فيلم “الدرب الأحمر” مع سهير رمزي ومحمود عبد العزيز، وفيلم “شاطئ الحظ” مع سعيد صالح ويونس شلبي، وبعدها بفترة ابتعد تماما عن السينما وتصوف وسكن في أحد الفنادق البسيطة في منطقة الحسين، وهكذا كان الفنان محمود إسماعيل صاحب تاريخ كبير من الإبداع، سواء كممثل أو مؤلف أو مخرج، ولكنه للأسف لم ينل ما يستحقه من شهرة أو تقدير، ولم يأخذ المكانة التي يستحقها وتليق به في تاريخ الفن المصري، وحتى ذاكرة معظم المشاهدين أصبحت لا تسعفهم باسم هذا الفنان الكبير، وربما أصبح الكثيرون لا يذكرون له إلا دور المعلم سلطان في فيلم “سمارة”.
وهكذا وكما كانت “سمارة” في الفيلم ظالمة للمعلم سلطان، حينما أحبت سيد أبو شفة وأهملت سلطان الذي كان يعشقها، كانت شهرة فيلم “سمارة” سببا في أن معظم المشاهدين أصبحوا لا يذكرون للفنان محمود إسماعيل فيلما آخر غيره.
نشر هذا المقال للمرة الأولى في يوم 4 ديسمبر سنة 2019.
Discussion about this post