فرديناند المصري في نادي الرواية الأولى..رواية السفر والاحتمالات الضائعة.
حوار: نادي الرواية الأولى- اللقاء الثامن.
إعداد، الصحفية: روان البقمي.
ضمن لقاءات نادي الرواية الأولى الأدبية، حلّ الكاتب المصري ماجد أوشي ضيفاً في اللقاء الثامن، حيث احتفى بروايته الأولى “فرديناند المصري”، التي تنقل القارئ بين مصر وفرنسا في سردٍ يتداخل فيه الواقع بالخيال، والحياة بالموسيقى، وتحديداً أغاني كوكب الشرق أم كلثوم. في هذا الحوار، يحدثنا ماجد عن بدايات الرواية، إلهامها، التحديات التي واجهته في الكتابة، وعلاقته الخاصة بأم كلثوم التي كانت حاضرة بقوة في فصول الرواية.
نص الحوار:
س: بداية، كيف وُلدت فكرة فرديناند المصري؟ وما الذي ألهمك لنسج هذا الانتقال الجميل بين فرنسا ومصر؟
ماجد: بدأت الفكرة من “السفر” كتحول. لاحظت أن الإنسان يتغير حين يبدّل مكانه. مجرد تغيير الظرف المحيط، يخلق تحولًا تلقائيًا في شخصيته. من هنا تولّدت الفكرة؛ أردت أن أرصد هذا التحول عبر نماذج متعددة، جميعهم سافروا، سواء داخل البلاد أو خارجها. حتى أم كلثوم، لو لم تغادر قريتها، لما أصبحت الشخصية التي نعرفها اليوم. السفر منحها فرصة اللمعان. هذه الملاحظة كانت بذرة الرواية، وأردت لها أن تكون وثيقة روائية عن أثر السفر.
س: كيف نسّقت بين الخطين السرديين في الرواية: حياة فرديناند وحياة أم كلثوم؟
ماجد: أعتقد أن الجمع بينهما كان شكلًا من أشكال السفر أيضاً، . لوتس، عندما التقت فرديناند، بدأت رحلتها معه بتحفظ إلى أن سلمت له. خط أم كلثوم كان متخيلاً، أردت أن أروي ماذا كان سيحدث لو أنها لم تسافر، لو بقيت في القرية، كيف كان يمكن أن تُفسر آلامها مثلاً على أنها مسّ أو تلبّس؟ هذا التساؤل دفعني لسرد الرواية من منظور مختلف.
س: لماذا اخترت أم كلثوم تحديداً لمرافقة قصة فرديناند؟ وهل لعبت الأغاني دوراً عاطفياً في السرد؟
ماجد: أم كلثوم كانت بطلة مراهقتي. ولدت عام 1979، وفي وقت كان فيه عمر دياب ومصطفى قمر، كنت أستمع لأم كلثوم. علاقتي بها تشبه علاقة فرديناند بها. لم أحبها في البداية، إلى أن سمعت جملة في أغنية، فتغير كل شيء. أغانيها ليست مجرد خلفية، بل محرك عاطفي في الرواية، ترتبط بالشخصيات والمواقف.
س: أغاني أم كلثوم كانت حاضرة بوضوح في الرواية، حتى في عناوين الفصول. ما دلالة ذلك؟
ماجد: كان قراراً واعياً. في البداية فكرت أن أضع مقطعاً من أغنية كعنوان للفصل، ثم لاحظت أن المحتوى يرتبط فعلاً بذلك المقطع. تعليقات القراء أثبتت لي نجاح هذا الربط، بعضهم بدأ يبحث عن الأغنية ليستمع إليها. استخدمت أحياناً أغانٍ نادرة، كمقطع من “حرام تقول تحبني” التي لا يعرفها كثيرون، لكنها خدمت الفصل الذي وُضعت فيه.
س: كيف كانت تجربتك مع الكتابة؟ هل التزمت بخطة محددة أم تطورت القصة تدريجياً؟
ماجد: طوال عمري أحببت الكتابة، وسبق أن كتبت قصصاً قصيرة. ولكن “فرديناند المصري” كانت أول عمل روائي، وتدين بجزء كبير من وجودها إلى فترة الحجر أثناء جائحة كورونا. ساعدتني الورش التي التحقت بها، ومنها ورشة سيناريو، على أن أفهم ما أريده من النص، وأسمّي الأشياء التي بداخلي. تطورت الرواية تدريجياً مع الشخصيات.
س: هل كنت تكتب يومياً؟ أم حسب الحالة المزاجية؟
ماجد: بحكم عملي كمهندس معماري، كنت أخصص وقتاً محدداً في الصباح للكتابة، قبل التوجه للعمل. استمريت على هذا النظام فترات طويلة.
س: هل واجهت لحظات من الشك أو فقدان الحماسة أثناء الكتابة؟
ماجد: بالتأكيد. مررت بما يسمى “حبسة الكاتب”، خاصة بعد أن أنهيت المسودة الأولى وقررت أن ما كتبته لا يصلح. توقفت، ثم عدت وأعدت ترتيب الفصول. حين تنضب الأفكار، أقرأ. أعتبر القراءة والزفير جزءًا من عملية الكتابة.
س: هل كانت البيئة المحيطة مؤثرة في أسلوبك؟ وأين كنت تكتب غالباً؟
ماجد: نعم، كنت أكتب في المنزل صباحاً. الجو الهادئ في هذا الوقت ساعدني على التركيز واستحضار الحالة النفسية التي أحتاجها للكتابة.
س: كيف بحثت في حياة أم كلثوم لدمجها بالخيال السردي؟
ماجد: بدأت البحث عن أم كلثوم قبل الشروع بالكتابة. استمعت لأغانيها بدقة، وكنت أختار عنوان كل فصل بناءً على مقطع يلهمني منها. قرأت كل ما وقعت عليه يداي عنها، حتى التفاصيل الصغيرة.
س: حين أنهيت الرواية لأول مرة، كيف شعرت؟ وهل قمت بتعديلات كبيرة؟
ماجد: شعرت بشيء يشبه الارتباك، خاصة عندما مررت بفترة توقفت فيها عن الكتابة. عدت بعدها لأعيد الصياغة بشكل جذري. أعتقد أن إعادة الكتابة جزء لا يتجزأ من العمل الروائي.
س: الآن وبعد أن نُوقشت روايتك في نادٍ ثقافي وبين جمهور جديد، كيف تصف شعورك؟ وهل تخطط لعمل جديد؟
ماجد: هذا اللقاء هو الأول لي على المستوى العربي، وأنا سعيد جداً وفخور. أتمنى أن أكون عند حسن ظن القراء. نعم، بدأت فعلياً في التفكير والعمل على رواية جديدة.
تعد رواية فرديناند المصري، وثيقة لأحداث بين مصر وفرنسا. بحثت عن التحول والاحتمال والمصير. في هذا الحوار، كشف لنا ماجد أوشي عن شغفه بالكتابة، وتأثره بأم كلثوم، وكيف استطاع أن يدمج بين الخيال والواقع ليخلق عالماً روائياً فريداً
نادي الرواية الأولى كان شاهداً على بداية كاتب واعد في عالم الأدب العربي.
Discussion about this post