بنت الشاطئ
الدكتورة عائشة عبدالرحمن.. امرأة رفع لها التاريخ قبعته
كتب/خطاب معوض خطاب
بنت الشاطئ تعد بكل المقاييس امرأة سبقت عصرها، بل لن نتجاوز الحقيقة إن قلنا إنها قد تحدت وصارعت تقاليد عصرها وانتصرت في صراعها هذا، حيث حصلت على أعلى الشهادات الدراسية في عصر لم تكن تتعلم فيه الفتيات، واستكملت مسيرتها العلمية حتى أصبحت أول سيدة في التاريخ تحاضر في جامعة الأزهر الشريف، وقد شرفت بالكتابة عنها في كتابي “شخصيات مصرية بين التهميش والنجومية”، وبنت الشاطئ هي الدكتورة عائشة عبد الرحمن الأستاذة الجامعية والمفكرة الإسلامية والباحثة والكاتبة والمفسرة التي اجتازت جميع العقبات التي قابلتها في حياتها حتى حققت آمالها، وأصرت على أن تتعلم حتى حصلت على أكبر الشهادات في زمن لم تكن تتعلم فيه الفتيات.
وقد ولدت الدكتورة عائشة محمد علي عبدالرحمن في يوم 6 نوفمبر سنة 1912 وقيل سنة 1913، وكان والدها من كبار علماء الأزهر الشريف ويمتد نسبه إلى الإمام الحسين بن علي، وينتمي لعائلة من قرية شبرا بخوم مركز قويسنا بالمنوفية، واستقر به المقام في سوق الحسبة بدمياط حيث تزوج من دمياطية تنتمي إلى أسرة الشيخ الدمهوجي الذي كان واحدا من أكبر علماء الأزهر الشريف في عصره، وألحقها والدها بالكتاب فحفظت القرآن الكريم، ثم أتى لها بالمدرسين فتعلمت بالمنزل حتى حصلت على شهادة الكفاءة للمعلمات في سنة 1929 من المنزل وكانت الأولى على مصر كلها، ثم حصلت على البكالوريا القسم الأدبي في سنة 1934، ثم حصلت على ليسانس الآداب قسم اللغة العربية من جامعة فؤاد الأول في سنة 1939، ثم الماجستير في سنة 1941 والدكتوراه في الآداب في سنة 1950 وكان أستاذها الذي ناقش رسالتها هو الدكتور طه حسين.
وعملت معيدة بقسم اللغة العربية في كلية الآداب جامعة عين شمس فأستاذا للتفسير والدراسات العليا ورئيسا لقسم اللغة العربية والدراسات الإسلامية بالكلية، وكانت أول سيدة في التاريخ تحاضر في جامعة الأزهر الشريف، وتم اختيارها عضوا في مجمع البحوث الإسلامية بالقاهرة، كما عملت أستاذا زائرا لمدة 20 عاما بجامعة القرويين بالمغرب، كما عملت كأستاذ زائر بعدد من الجامعات العربية مثل أمدرمان والخرطوم والجزائر وبيروت والإمارات والرياض، فساهمت في تخريج أجيال من العلماء والمفكرين دانوا لها بالفضل من 9 دول عربية.
كما عملت بالصحافة حيث بدأت الكتابة في جريدة الأهرام ولم يتعد سنها 20 عاما، وكانت توقع مقالاتها باسم بنت الشاطئ نسبة لشاطئ النيل بدمياط حيث نشأت، وكانت أول مصرية تكتب في جريدة وثاني عربية بعد الأديبة مي زيادة، وهي تركت عشرات الكتب التي ألفتها في الدراسات الفقهية والإسلامية والأدبية والتاريخية منها: على الجسر والتفسير البياني للقرآن الكريم ورسالة الغفران لأبي العلاء المعري والإسرائيليات في الغزو الفكري والريف المصري وأم النبي ونساء النبي وبنات النبي وغيرها من الكتب التي أثرت المكتبة الإسلامية والعربية، كما ظلت تكتب مقالها في جريدة الأهرام لما يقرب من 60 عاما.
وتم تكريمها كثيرا حيث حصلت على وسام الكفاءة الفكرية من المغرب في سنة 1962، ووسام الاستحقاق من الطبقة الأولى من مصر في سنة 1972، وعلى جائزة الدولة التقديرية في الآداب في سنة 1978، وجائزة الأدب من الكويت في سنة 1988، ووسام الاستحقاق لعلماء مصر في سنة 1989، وعلى غيرها من الجوائز والتكريمات، وقد أطلق اسمها على الكثير من المدارس وقاعات المحاضرات في العديد من الدول العربية، وتزوجت بنت الشاطئ من أستاذها الشيخ أمين الخولي عميد كلية الآداب بالإنابة، وصاحب الصالون الأدبي والفكري الشهير، حيث كانت هي زوجته الثانية، وأنجبت منه أمينة وأديبة وأكمل، وقد تعرضت في حياتها لعدد من المحن والاختبارات المتتالية، بدأت بفقد زوجها ومن بعده ابنتها أمينة وابنها أكمل، ولكنها ظلت صابرة محتسبة حتى لحقت بهم في أول أيام شهر ديسمبر سنة 1998.
Discussion about this post