كتبت: دعاء سنبل
الشاعر الذي سحر الجميع بكلماته البسيطة السلسة، التي وصلت لعامة الشعب وأثرت قلوبهم وما زالت عالقة محفورة في أذهاننا حتى اليوم … قطار الذكريات اليوم سيذهب بينا بمناسبة ذكرى وفاته ليمر على أبرز محطات حياته.
نشأته
ولد الفنان والشاعر والرسام المبدع صلاح جاهين و اسمه الحقيقي محمد صلاح الدين بهجت أحمد حلمي في 25 ديسمبر 1930 م بحي بشبرا في شارع جميل باشا. وصلاح جاهين هو الأكبر بين إخوته.
والده المستشار بهجت حلمي الذي تدرج في السلك القضائي بدأً من وكيل نيابة حتى عيّن رئيساً لمحكمة استئناف المنصورة.
كانت ولادة صلاح جاهين متعثرة تعرضت أثنائها والدته للخطر، فولد شديد الزرقة و دون صراخ حتى ظن المحيطون أن الطفل قد ولد ميتاً، ولكن جاءت صرخة الطفل منبهة بولادة طفل ليس ككل الأطفال.
وكانت لهذه الولادة المتعثرة تأثيرها، فمن المعروف أن الولادة المتعثرة تترك آثارها على الطفل فتلازمه طول حياته وقد تتسبب في عدم استقرار الحالة المزاجية أو الحدة في التعبير عن المشاعر – سواء كانت فرحاً أو حزناً، وهو ما لوحظ في صلاح جاهين الذي يفرح كالأطفال ويحزن لدرجة الإكتئاب عند المصائب.
استطاع صلاح جاهين ببساطته وتلقائيته التعبير عن كل ما يشغل البسطاء بأسلوب يسهل فهمه واستيعابه، وهو ما جعله فارساً يحلق برسومه وكلماته ويطوف بها بين مختلف طبقات الشعب المصري، بل كانت جواز سفره لمختلف البلدان العربية التي رددت كلماته حَفْزاً للعمل والإنجاز.
كل ما نبع من صلاح جاهين وما أحاط به كان يؤهله للثراء الفني والإنساني.. بل كان يرشحه أيضًا لمعاناة تصنعها نيران الموهبة.
حظي بحب جماهيري جارف فلم تشهد مصر مثله كان متعدد المواهب،” شعرًا ورسمًا وغناءً وتأليفًا وتمثيلاً”
لم يستكمل صلاح دراسته بالفنون الجميلة ، ولكنه درس القانون في كلية الحقوق إرضاءًً لوالده ، ووصل إلى السنة الأخيرة لكنه في النهاية لم يدخل الامتحان ولم يتخرج منها فقد كان بالفعل وقتها ملء السمع والبصر كفنان وشاعر متميز وكان قد اختار طريقه في الحياة،
تزوج مرتين الأولى من السيدة سوسن التي أنجب منها بهاء وأمينة والثانية من الفنانة منى قطان التي اشتركت في تمثيل الأفلام التي أنتجها وأنجب منها ابنته سامية .
كان أبدع من كتب بالعامية المصرية الأصيلة مستخدما ألفاظ الشارع المصري البسيط لتصوير الأحداث الجارية في كلمات أغنياته وفى وجوهه الكاريكاتيرية المعبرة عن الواقع ، وقد أحب جاهين البسطاء وأسكنهم كلماته ورسومه فمنحوه كل الحب والاحترام وقد عشق الجمهور رباعياته بل أصبحوا يترنمون بها فهي مدرسة في فلسفة الحياة بل أنها أصبحت أمثالا يرددها العامة ، وقد اعتبره النقاد امتدادا لبيرم التونسي سيد الزجل الشعبي والسياسي في مصر القرن العشرين.
عمل رساما في العديد من الصحف ، أخرها الأهرام .
كتب العديد من الأغنيات العاطفية والوطنية ، وسيناريو وحوار أفلام مثل – خللي بالك من زوزو – أميره حبي أنا – شفيقة ومتولي – المتوحشة ، كما ألف العديد من مسرحيات العرائس منها – الليلة الكبيرة ، و اوبريت القاهرة في ألف عام .
كان صلاح غزيرا في الإنتاج حيث لم يتوقف لحظة واحدة طوال حياته عن الإبداع .
كان يحس أن الحياة قصيرة جدا وسريعة … فدخل في سباق معها فأنجز المئات من القصائد التي تراوحت بين الزجل و الشعر العامي و الشعر الشعبي و تحولت إلى أغنيات غناها عشرات المطربين ،
وراوحت بين أغاني الحب و الأغاني الوطنية والأغاني الخفيفة، و كتب أيضا عددا من الأوبريتات الغنائية ربما كان أشهرها أوبريت الليلة الكبيرة الذي ما زال يحتفظ بألقه حتى اليوم،
ومئات الرسوم الكاريكاتيرية التي بدأ في رسمها أسبوعيا في مجلتي صباح الخير و روز اليوسف الأسبوعيتين، قبل أن ينتقل إلى صحيفة الأهرام التي كانت آنذاك في أوج ازدهارها، فكان يلخص في رسومه اليومية تلك و في صورة كاريكاتيرية ساخرة الموقف السياسي السائد آنذاك.
توفي في مثل هذا اليوم الموافق 21 أبريل 1986 رحم الله المبدع متعدد المواهب.
Discussion about this post