“غدير هوساوي: خيال يُلهم المستقبل.
حاورها: محمد نبراس العميسي.
في عالم الأدب والرواية الذي تتقاطع فيه الأحلام مع التحديات، تبرز شخصيات فريدة تسطر على صفحات حياتها إبداعاً مميزاً يحمل طابعاً خاصاً. ضيفتنا اليوم هي الكاتبة القديرة غدير هوساوي، صاحبة رواية “الجوالون”التي ألهمت القراء بتناولها موضوعات المناخ ومستقبل التحديات البيئية مثل: ارتفاع درجات الحرارة، ونقص المياة العذبة، والعواصف الترابية التي تكثر في المناطق الصحراوية الحارّة، وضرورة الابتكار من أجل مواجهة كل التحديات. من موهبة اكتشفها معلموها في سن مبكرة، إلى عالم أدبي مليء بالمغامرات والتأملات، تخطو غدير خطوات واثقة نحو التأثير في الساحة الأدبية. في هذا الحوار، نسلط الضوء على رحلتها الأدبية، ونغوص في أعماق تجربتها مع الكتابة وأفكارها التي تلامس القضايا الإنسانيّة.
نرحب بالأدبية القديرة الأستاذة غدير هوساوي، كاتبة رواية الجوالون أهلاً وسهلاً بك:
-أهلًا وسهلًا أ. محمد. شاكرة ومقدّرة لمنحي هذه الفرصة وعسى أن يكون الحوار ممتعاً.
1-كيف كانت بدايتك في مجال الكتابة؟ ومن الذي ألهمك لكتابة الجوالون.
-بدأ الأمر حقيقة بإشارة من معلمتي في المرحلة الابتدائية إلى أنني أملك موهبة في الكتابة، أذكر هذه اللحظة وأذكر أنني بعده لم أرى نفسي في المستقبل إلا كاتبة، برغم ضبابيّة هذه الفكرة في ذهن الجميع وقتها إلا أن هناك نوع من الطمأنينة شعرتُ به لانتسابي لمجال الكتابة. لم أشعر حتى أنني بحاجةٍ إلى تشجيع فقط كنتُ أكتب منذ سن الثانية عشرة وحتى الآن.
فكرة الجوالون كانت مكتوبة عندي كمشاهد متفرقة عن عالم مستقبلي تحاصره التحديات البيئية، يفرض على البشر نظام صارم لاستمرار العيش وكذلك توجد فئة تحت مظلّة «الأمن البيئي» يتجوّلون في الصحراء لإنقاذ ما يمكن انقاذه من البيئة التي تحتضر..كتبت هذه الرواية بالكامل أثناء انضمامي إلى برنامج حاضنة الكتّاب لذا سأقول أن الحاضنة كانت المُلهم والمحرّض.
2-هل لديك طقوس معينة أو مكان معين تفضلين الكتابة فيه؟
-لم ألتفت لأمر الطقوس كثيراً لأنني خشيتُ أن تقيدني، أردتُ أن أكتب وقتما أريد، ولا أريد انتظار حالة معيّنة أو توفّر شيء بعينه، فقط مكانٌ هادئ.
3- هل كانت هناك أحداث أو تجارب شخصية أثرت بشكل مباشر على كتاباتك؟
-ربما، ولكن كل الروايات التي كتبتها حتى الآن كانت شيئاً تصوّرته وأردتُ أن أكتبه ولم أستلهمه من حياتي الشخصيّة.
4- ما هي الرواية التي تعتبرينها الأقرب إلى قلبك ولماذا؟
-قرأت رواية قصيرة تسمّى «جزيرة الدلافين الزرقاء»، وقد كانت قصة لامرأة من الهنود الحُمر تُنسى لثمانية عشرة عاماً على الجزيرة وحدها، ورغم هذه المدّة الطويل هي استطاعت أن تعيش.
أجد هذه القصة قريبة إلي بسبب أن فكرة التأقلم مع الحياة التي فُرضت على الإنسان هي عامل جذب بالنسبة لي ودائماً أريد أن أعرف كيف سيتخطى المرء هذه الحالة الصعبة، وأحيان أسأل نفسي لو كنت مكانها هل كنت سأحتمل..
5- كيف تختارين عناوين رواياتك؟ وهل هناك قصص خلف هذه العناوين؟
-في العادة يخطر لي العنوان قبل أي قصة أكتبها فلا أستطيع كتابة قصة بلا اسم، ولكن في نقطة ما أشعر أنني محتاجة إلى تغييره. كان لرواية الجوّالون اسم آخر، غير أن دار النشر رأت أن تغييره سيكون أفضل للعمل، فرسى الاختيار على اقتباس حالة الشخصيات في العمل فهم فعلاً جوّالون.
6- ما هي أهم التحديات التي واجهتك خلال كتابة الجوالون ؟
-واجهتني صعوبة في تعقيد الأحداث ورفع وتيرة الصراع وقد تجاوزتها بطريقة ما. ثم واجهتني مشكلة أخرى وهي حل كل تلك التعقيدات بشكل يناسب البناء الذي تم على طول الرواية بحيث لا يجعل القارئ يتساءل كيف انتهت القصة فجأة. وبصراحة لم أكن لأنتبه لبعض الهفوات أحياناً بسبب محدوديّة الوقت ولذا فوجودي ضمن برنامج حاضنة الكتّاب ومساعدة مرشدي الأدبي ماهر سعد الدين لي كان التنبّه إلى مثل تلك الهفوات وتفكيك كل الخيوط المتشابكة يتمّ بسلاسة ويسر.
7-كيف تتطور شخصيات رواياتك؟ هل تستلهمينها من أشخاص تعرفينهم في الواقع؟
-أعتقد أن قضاء وقتاً أطول مع الشخصية في رأسي قبل البدء بكتابتها يجعلني قادرة على التفكير بصوتها، وأصقل هذا الصوت أكثر حينما أبدأ بالكتابة. غالباً ما أجد تفاوتاً طفيفاً في صوت شخصياتي بين بداية الرواية ونهايتها، وذلك لأنني في نهاية الرواية أكون قد عرفتها تماماً فأعود وأعيد إليها صوتها ليكون متناسقاً في أول الرواية وآخرها.
8-هل تواجهين “حبسة الكاتب”؟ وكيف تتعاملين معها؟
-أظن أنها حالة مُرافقة للبدايات، فبينما يريد الكاتب أن يكتب وبينما يستمع للنصائح الكثيرة التي تحثّه على بناء عادة يوميّة، وبينما يقارن نصوصه بنصوص أخرى تُعجبه يصاب بإحباطٍ يقوده إلى حبسة في الكتابة. ولكن ما إن يثق بفرادته ويعثر على نمط يستقر عليه تتلاشى الحبسة، على الأقل هذا ما يحدث معي أمّا حين أشعر بعدم القدرة على الكتابة تماماً فإنني أتوقف بضعة أيّام وأعود إليها تدريجياً.
10- ما هي الكتب أو الكتّاب الذين أثروا في كتاباتك؟
-قرأتُ كتابان وهما أنا قادم أيها الضوء لمحمد أبو الغيط، وأشقاء الزورق الواحد لرائد العيد. أعتقد أنني ربما أتأثر بالكتب التي تقدّم إلى الإنسان عزاءً من نوع ما..
11- هل هناك أنواع أدبية معينة تفضلين القراءة فيها وتؤثر على كتاباتك؟
-ليس لديّ تصنيف أدبي أفضّله بعينه، ولكن لنقل أنني أحب القراءة في التجارب الشخصيّة سواءً سير الكتّاب أو غيرهم.
12-كيف كان تفاعل القرّاء مع الجوالون؟ هل كان هناك ردود فعل معينة أثرت فيك؟
-لا زالت الجوّالون تخطو خطواتها الأولى ومستعدّة لترتمي في أحضان أي قارئ مهتم بما تطرحه وتناقشه، غير أن ما وردني من ردود حتى الآن كانت تشيد بفكرة مناقشة تحديات المستقبل وظاهرة الاحتباس الحراري في بيئة عربيّة خليجيّة
13- هل تستفيدين من ملاحظات القرّاء في تطوير أعمالك المستقبلية؟
-بالطبع يسعدني استقبال مختلف الآراء حول ما أكتبه، أجد في الأمر إثارة إعادة سماع التحليلات والتفسيرات على ما سردته بوجهات نظر مختلفة لذلك أرحّب بجميع الآراء.
14-ما هو أكثر تعليق أو رسالة تلقيتها وأثرت فيك؟
-هذا صعب؛ ولكن لنقل أنني شاكرة لكل فرصة وتجربة حدثت لي مؤخراً وبلا شك فقد أثّرت بي إيجاباً.
15-هل لديك مشاريع أدبية جديدة تعملين عليها حالياً؟
-هناك بالطبع الكثير من المشاريع ويتطلّب الأمر ترتيب أولويات حتى في موضوع الكتابة والنشر. أعمل حالياً على كتابة مجموعة قصصيّة تناقش مخاوف الإنسان الحالي النابعة من تغيّرات الحياة السريعة في قالب خيال علمي وآمل أن ترى النور قريباً.
16-ما هي طموحاتك الأدبية للمستقبل؟ هل تفكرين في تحويل أحد أعمالك إلى فيلم أو مسلسل؟
-حلم جميل بلا شك؛ ولكن في الوقت الراهن أفكّر بالتركيز على الإنتاج الأدبي وأجد ذلك وحده كفيلاً، فليس شرطاً أن تتحوّل الأعمال المكتوبة إلى مرئيّة بالنسبة لي.
17-كيف ترين دور الأدب والكتابة في تعزيز الثقافة والمجتمع؟
-دائماً ما أرى أحاديث تدور بين مجتمعات الأدباء حول تسليط الضوء على تصانيف أدبيّة والإعلاء من شأنها مقابل التقليل من تصانيف أخرى، وأقول أن كل تصانيف الأدب مهمّة وتصب في اللوحة الكبيرة للأدب السعودي والعربي. لذا باختصار التنوّع يكمّل المشهد ويعزز الثقافة ويثري المجتمع.
-شكراً لكِ أستاذة غدير على هذا الحوار الملهم، ونتمنى لكِ مزيداً من النجاح والإبداع.
-اشكركم على الإستضافة وأتمنى التوفيق للجميع. تحياتي للقرّاء الأعزاء.
Discussion about this post