فلسفة الثبات الانفعالي
فن إدارة مشاعر الغضب
Your Content Goes Here
بقلم الدكتورة بهيّة الطشم
نعيش على الصحة النفسية والجسدية في آن؛ والنفس البشرية هي بمثابة مخزن للانفعالات والمشاعر ؛ وكذلك الربّان الذي يقود سفينة الجسد في رحلة الحياة لكل إنسان….؛ ولا غرابة أن كل نفس تنطوي على مجموعة من العُقد السلبية والإيجابية؛ وتبرز حِيال ذلك أهمية النفس السويّة في مدى قدرتها على تعزيز النقاط الايجابية في الشخصية ؛ والعمل على إلغاء أو التخفيف من العُقد السلبية التي تُعيق التطور السلوكي في أي شخصية.
فالثبات الانفعالي يكمن في قدرة الشخص على التحكّم في انفعالاته والمحافظة على الهدوء والإتزان النفسي مهما كان مبلغ الصدمة النفسية كبيراً.
والعكس يعرّض صاحبه لفقدان الثبات الانفعالي ولنوبات مفاجئة ؛ اذ تؤثر في مدى سيطرة المخ على المشاعر؛ وبالتالي يصبح الانسان في هذه الحالة أسيراً للحالة الشعورية الانفعالية السلبية التي تؤثر سلبياً على شؤونه وشؤون الاشخاص المحيطين به.
ولم يكن بدٌ من الإشارة الى ان أفلاطون رائد الفلسفة اليونانية وصاحب المحاورات العظمى في محبة الحكمة أو الفلسفة سواء في( الجمال؛ الحُب والسياسة) قد أشار الى ٣ قوى في النفس ألا وهي: النفس الشهوانية؛ الغضبية والعاقلة…واكدّ على ضرورة سيطرة النفس العاقلة على الغضبية والشهوانية…كي يحقق الانسان التوازن النفسي والجسدي بعيداً عن الاضطرابات النفسية والصراعات العصبية أو التشرذم الفكري…
وفي هذا السياق ؛ لا بدّ من استراتيجيةفلسفي وقائية تلقي الضوء الساطع على حيثيات محاربة موضوع الغضب وعدم الانصياع أو التسرع ( أهم سبب للاخطاء بتقدير الفيلسوف ديكارت) بردة فعل استفزازية…. او الإنجرار وراء تصرفات غير متزنة كإستثارة ساذجة من صاحبها على محفزات سلوكية أو كلمات مشبوهة من الآخر المستفِز..
ولا غرو في ذلك؛ فالفلسفة أو أم العلوم ؛والتي لم تتوانَ يوماً عن احتضان أو مقاربة الحلول الجذرية في ما يخص السلام النفسي بكل حذافيره.
يهاجم العدو الماكر( الغضب ) كل نفس بشرية ؛ بمشاعر سلبية تستنزف الطاقة الايجابية وتؤثر سلبياً على الدماغ البشري؛ وغالباً ما تجعله يتوقف لبعض دقائق…ويحرك دينامية السلوكيات السلبية والمتطرفة لدى الشخصية التي تستشيط غضباً في لحظات انفعالية سلبيةعارمة..أو ذروة الانفعال السلبي…
وفي ما يلي أبرز النقاط المساعِدة في دعم التوازن النفسي:
* الحفاظ على الأفكار الايجابية وتكريسها فعلاً في السلوكيات
* الانقطاع ولو مؤقتاً عن الأجهزة الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي وتكريس بعض الوقت للعائلة.
* القيام بجلسات تأملية وخلوة مع النفس وممارسة اليوغا.
* الحرص على تذكر الأمور الايجابية
* التنفس بشكل بطيء في حال التعرض لنوبة غضب شديدة أو صدمة ؛ وتغيير وضعية الجسم وصرف الانتباه الى موضوع آخر.
* عدم جعل موضوع الغضب محور التركيز
* ان يقتنع كل شخص بأن كل شيء في الحياة ممكن…وعالم الممكن ينطوي على الكثير من الاحتمالات ما يعزّز المناعة والحصانةللنفس ضد الصدمات الشعورية.
* تذكر الأمور المُفرحة واختراع مناسبات واحداث جميلة…والمشاركة بنشاطات ترفيهية أو القيام بإنجازات تزيد من هرمونات السعادة سيما الدوبامين والسيروتونين.
* إجراء تنويم مغناطيسي hypnotisme ذاتي وغيري
وأخيراً يؤثر الغضب المفرط على الصحة النفسية والجسدية في آن؛ كما أن التحكّم في الغضب هو مفتاح الشخصية السوية ويقلل من الأمراض القلبية والعضوية ويحسّن من أداء الانسان ويحقق التوازن النفسي والعاطفي ويزيد الشعور بالثقة؛ اذ أن الشخص الثابت إنفعالياً يُدير نفسه ومجتمعه بشكل ناجح ويبني السلوكيات الايجابية ويحسّن جودة الحياة النفسية…
Discussion about this post