أحلام أبو الهنا كوميديا ساخرة تحاكي الواقع …
بقلم : سلمى صوفاناتي
في عالم الدراما السورية التي تميزت بصبغتها الواقعية وطابعها الإنساني ، يبرز مسلسل أحلام أبو الهنا كعمل فني رائد ، يندرج تحت طابع كوميدي ساخر . أنتج عام 1996 . وهو من تأليف : حكم البابا و سلمى كركوتلي . ومن إخراج : هشام شرتجي . ما جعل المسلسل يلامس قلوب السادة المشاهدين عبر شخصياته العميقة ومواقفه المليئة بالحكمة والكوميديا الساخرة والناقدة بآن واحد … ويمكننا إدراجه في قائمة أعمال ” كوميديا الموقف ” شارك في المسلسل نخبة من نجوم الدراما السورية يتصدرهم الفنان القدير : دريد لحام . والفنانة القديرة إيمان الغوري . ( أم الخير ) والفنانة القديرة سامية الجزائري . والفنان الكوميدي فارس الحلو الذي يتميز بكرشه الكبير الذي يطبل عليه طوال الوقت . والذي إشتهر بجملته الشهيرة ( يعدمني ياكي يازهور ) كما شارك في هذا المسلسل كل من النجوم . عصام عبجي ، أندريه سكاف ، سوسن ميخائيل ، نبيلة النابلسي ، رياض شحرور ، غادة بشور ، هدى شعراوي ، أميمة الطاهر ، إبراهيم ياخور ، جرجس جبارة ، ليلى سمور ، أحمد عداس ، جيما دريوسي ، يوسف حرب ، داوود الشامي ، غادة واصف ، أحمد مسالخي ، محمد طرابيشي ،البير حلال ، ورياض الأحمد ، نورمان أسعد ، إلى جانب القديرة : إيمان عبد العزيز . كما شارك بالمسلسل عدد من المذيعين أمثال : إيمان الرحبي ، عبد المعين عبد المجيد .
لم يكن المسلسل مجرد قصة تروى ، بل هو مرآة عكست أحلام الإنسان البسيط وتحدياته اليومية في مجتمع يتصارع فيه اليأس مع الأمل .
تدور أحداث المسلسل حول شخصية ” أبو الهنا ” وهو موظف من الدرجة التاسعة . يعيش في أحد الأحياء الشعبية بمدينة دمشق ، يحمل في داخله أحلاما بسيطة تتناقض مع واقعه المرير . فبينما يحلم بحياة كريمة وبمستقبل أفضل لعائلته الصغيرة . يصطدم بواقع إقتصادي وإجتماعي قاس ، مما يدفعه إلى مواجهة المصاعب بمزاح هزلي أحياناً ، وبحزن عميق أحياناً أخرى . تتخلل الحلقات مواقف كوميدية وساخرة تعكس فلسفة أبو الهنا في الحياة ، حيث يستخدم الفكاهة كسلاح لمواجهة همومه ، لكنها فكاهة لا تخلو من مرارة …
المسلسل يسلط الضوء على قضايا إجتماعية وعلاقات أسرية تمت صياغتها من خلال نظرة إنسانية تخلط بين الدعابة والألم . فكان هذا العمل صوتاً للطبقة الكادحة ،لأن شخصية أبو الهنا ليست مجرد فرد ، بل هي رمز للإنسان العربي الذي يحاول الصمود رغم كل العواصف . دريد لحام جسد هذه الشخصية ببراعة ، حيث مزج بين التعبير عن المعاناة وبين الإبتسامة . ماجعل المشاهد يتعاطف معه حتى في أكثر لحظاته سخرية .
الحوارات في المسلسل كانت غنية بالمعاني الفلسفية رغم بساطة اللهجة الدمشقية المحكية . وكأنها تقول : الحياة لاتعحتمل إلا بالضحك على جراحنا .
ختاما : ” أحلام أبو الهنا ” ليس مجرد مسلسل ، بل هو قصيدة درامية عن مقاومة الظروف الإجتماعية والإقتصادية ، بالحلم والضحك . عبر شخصيته الرئيسية ، قدم دريد لحام عملاً يذكرنا بأن الفن الحقيقي هو ذلك الذي يخرج من القلب ، ليصل إلى القلب ، ويبقى رغم مرور السنوات ، شاهداً على زمن التحديات والأحلام …
Discussion about this post