بقلم الصحفي أسامة خليل
قال المحلل الإستراتيجي الأميركي بول بيلار إن أغلب تداعيات حرب غزة السلبية بالنسبة للرئيس الأميركي جو بايدن من صنع يده، بسبب دعمه الفوري وغير المشروط لحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو “والذي لم يتراجع عنه عندما بدأت إسرائيل تمارس القتل والتدمير ضد سكان قطاع غزة المدنيين بصورة لا يمكن وصفها”.
ويرى بيلار الذي أمضى 28 عاما في العمل في أجهزة الاستخبارات الأميركية أن بايدن “أصبح الآن شريكا في صنع أكبر كارثة بشرية يشهدها العالم منذ أكثر من نصف قرن. كما فشلت كل تحركاته لكبح جماح حكومة نتنياهو. وفقد تأييد أغلبية قاعدته في الحزب الديمقراطي، التي يحتاج إلى دعمها النشط لكي يفوز بولاية رئاسية ثانية في الانتخابات المقبلة”.
وفي تحليله الذي نشرته “مجلة ناشونال إنتريست” الأميركية قال بيلار إن من بين أكثر تداعيات هذه الأحداث أهمية “الضربة التي تعرضت لها المصالح الأميركية، وهو ما اتضح بشكل مؤلم مع تزايد الغضب والاستياء ضد الولايات المتحدة. وأصبحت واشنطن معزولة دبلوماسيا بصورة متزايدة على صعيد الدبلوماسية الدولية”.
مشكلات داخلية
وفيما يتعلق بالجانب الإسرائيلي ذكر المحلل الأميركي أن نتنياهو نفسه يواجه الكثير من المشكلات السياسية الداخلية، مشيرا إلى أن عملية طوفان الأقصى التي نفذتها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) “بددت الصورة التي حاول رسمها على مدى سنوات باعتباره رجل أمن إسرائيل، وانعكس هذا التدمير للصورة في استطلاعات الرأي التي أجريت عقب هجوم حماس والتي أظهرت تدهورا حادا في شعبيته وحزب الليكود”.
ويتابع “ولكي يوقف هذا التدهور وينقذ موقفه السياسي، يصر نتنياهو على مواصلة حربه الكارثية ضد قطاع غزة، والقتل والتدمير ضد السكان المدنيين بصورة لا يمكن وصفها، وتجاهل المناشدات الأميركية سواء لكبح عملياتها العسكرية، أو الحاجة إلى حل سياسي يتيح للفلسطينيين تقرير مصيرهم”.
ويشير إلى أنه “حتى إذ لم يتمكن نتنياهو من استعادة صورته السابقة كرجل الأمن، فإنه يستطيع تقديم نفسه باعتباره المعارض الصلب لأي محاولة لإقامة دولة فلسطينية”.
وبالنسبة لتأثيرات سياسات نتنياهو على السياسات الأميركية المحلية وإضعافها للموقف السياسي لبايدن، يراها بيلار “مكافأة إضافية لنتنياهو الذي سيكون سعيدا إذا رأى دونالد ترامب يهزم بايدن في الانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024″.
ويقول بيلار “رغم انحناء بايدن أمام نتنياهو لإظهار الدعم لإسرائيلي، فإن هذا الانحاء لا يقارن بالهدايا التي قدمها الرئيس السابق ترامب لإسرائيل بما في ذلك نقل السفارة الأميركية لدى إسرائيل إلى القدس المحتلة، والاعتراف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان السورية المحتلة، وتقديم خطة سلام تجعل الفلسطينيين خاضعين دائما لإسرائيل بدلا من منحهم دولتهم المستقلة”.
ويخلص المحلل الأميركي إلى القول إنه “في ظل الفظائع التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة، فإن هذا الموقف الافتراضي لا يخدم بايدن. وإذا خسر بايدن الانتخابات المقبلة، سيكون لذلك أسباب عديدة، لكن أحد هذه الأسباب كان تبنّيه لنتنياهو الذي لا يحب المصالح الأميركية، ولا التصورات السياسية لبايدن”، على حد قول الكاتب.
Discussion about this post