القائد الخالد واستمرار الإشعاع الفكري الوطني
بقلم : سلمى صوفاناتي
لو فرطت بمتر واحد من طبريا ، لكنت أعطيت الحق لجاري أن يقتلني ، لأني بذلك غيرمؤتمن على حق الشعب .
وعلى هذا النهج حكم حافظ الأسد .. فاستسلم للموت من دون أن يوقع .. وعلى هذا النهج : لاتزال العيون مشدودة نحو السماء .. لازلنا نخطو فوق الحصى اللاذع .. لازالت الأنظار ترنوا نحو ذاك الشاطىء البعيد ..
ولد القائد الخالد حافظ الأسد عام ١٩٣٠/ في القرداحة ، لأسرة علوية ، تعمل في فلاحة الأرض ، لكنها تمكنت من تعليم ابنها في المدارس الرسمية . لأن الفلاح لا يأتي إلا من أهل الفلاح .. خطوة الألف ميل بدأت بدخوله لبنان من بوابة العلم .. لكنه لم يتمكن من الإلتحاق بكلية الطب في الجامعة اليسوعية ببيروت ، نظرا لتردي أوضاعه المادية .. ومن شهادة الفرع العلمي : التحق القائد الراحل بالأكاديمية العسكرية في حمص .. وتخرج برتبة ملازم طيار ، ليشارك بعد ذلك في بطولة الألعاب الجوية ويفوز بها .. لأن الفوز والنجاح من سمات العظماء .. انضم إلى حزب البعث عام ١٩٤٦ قبل أن يصبح رئيسٱ لإتحاد الطلبة في سوريا ويتقلد العديد من المناصب السياسية .. زاد نشاط البعثي عدنان المالكي على يد السوريين القوميين .. فاختير الأسد للتدريب في مصر على قيادة الطائرات النفاثة .. ومن تم أرسل إلى الإتحاد السوفيتي ، ليتلقى تدريبٱ إضافيٱ على الطيران . ثم تولى حزب البعث عام ١٩٥٨ فشكل تنظيمٱ سريٱ عام ١٩٦٣ / أصبح البعث هو الحزب الحاكم الذي يمثل السلطة .. فأعيد القائد الخالد إلى الخدمة العسكرية من قبل الضابط صلاح جديد ، بعد دوره الحيوي في حرب ١٩٦٧ .. بدأت الخلافات مع جديد ووصلت إلى قيام القائد الراحل في ١٦ تشرين الثاني / ١٩٧٠ / إلى القيام بالحركة التصحيحية على جديد وعلى رئيس الدولة نور الدين الأتاسي .. اللذين تم سجنهم مع عدد من رفاقهم .. ليثبت القائد الأسد في ١٢ آذار ١٩٧١ رئيسٱ للجمهورية العربية السورية مدة سبعة أعوام ، بعد إجراء استفتاء شعبي .. حقق النصر في حرب تشرين التحريرية وعلى إسرائيل سنة ١٩٧٣/ فسمي بطل التشرينين .. ثم دخل في صراع مسلح مع حركة الإخوان المسلمين التي أعلنت العصيان .. ودعت إلى إسقاط النظام الحاكم في البلاد ..
وقامت بعمليات اغتيال على نطاق موسع .. فأحكم الأسد قبضته النارية في حماة وكلفه جيشه الباسل للوقوف في وجه هذه الحركة وسحق عصيانها بيد من حديد .. ومتابعة مسيرة النضال على كافة الأصعدة .. ازدهر العمران في كافة المحافظات السورية .. كما أنه رفض سلام الضعفاء في كام ديفيد .. لكنه مشى لمؤتمر مدريد عام ١٩٩١ / عزل الأسد ومع ذلك لم يوقع .. واتكىء على وحدة المسار والتفاوض مع لبنان .. ممسكٱ بورقة المقاومة في الجنوب .. والتفاوض تحت خط النار الساخن ..
بقيت سوريا ومن خلفها لبنان ماوراء حدود الإتفاق وتحت سقف التفاوض بمسارين ومصير تفيء لبنان ظل سوريا ، بعد أن طلب مسيحيوا الوطن المتقاتل من الرئيس الأسد سنة ١٩٧٦/ الحضور حالا لرجحان كفة اليمين على الثورة الفلسطينية والمد اليساري .. فكانت قوات الردع العربية عصر ذهبي للرئيس الأسد في لبنان .. حكم من خلاله هذا البلد عبر منتدبين سياسيين أمثال عبد الحليم خدام .. وغازي كنعان من قصره في عبنجر ..
عائليٱ : تزوج الرئيس الأسد أنيسة مخلوف .. وأنجب منها بشرى الطبيبة الصيدلانية .. وباسل الرائد الركن .. وطبيب العيون الذي أصبح فيما بعد رئيس الدولة .. السيد الرئيس بشار حافظ الأسد .. والمهندس ماهر .. ومجد الحائز على شهادة في الإقتصاد ..
علم كل أبنائه في المدارس والجامعات الرسمية السورية .. وكان قد عاقب أحد الضباط لأنه ميز بين أحد أبنائه وآخرين ممن خدموا العسكرية .. إلا أن الأب كان حنونٱ جدٱ .. يخصص أوقات الفراغ للعائلة .. ليستمع إلى هواجسها .. كان أنيقٱ وكلاسيكيٱ ، يحب إختيار ربطة العنق بنفسه .. وعلى الرغم من كثرة عوارضه الصحية في أيامه الأخيرة ، كان يجلس ساعات طويلة من دون أن يغير طريقة جلوسه .. حتى قال : ( جيمس بيكرا ) أحد المسؤولين الأمريكيين .. كنا نخشى من إنفجار المثانة عندما نجلس مع الأسد .. وعند دخوله المستشفى .. أمر بأن لا تغلق الطرق قائلٱ للمسؤولين عن أمنه : إذا كنتم تخشون الناس ، فأنا لا أخشاهم ..
رحل أبو سليمان عن مسرح الحياة التي لم ينم فيها سوى أربع ساعات يوميٱ .. وسجل التاريخ أن الأسد هو الرئيس العربي الوحيد الذي لم يزر البيت الأبيض .. ولم يطىء الأرض الأمريكية .. وسجل أيضٱ أنه رفض الخطوط الحمر .. فيما كان يشارك في وصفه .. فاستحق أن يخلد اسمه مع عظماء التاريخ ..
من هذا المنطلق .. وتكريمٱ لذكرى رحيل القائد الخالد حافظ الأسد .. وبرعاية كريمة من وزارة الثقافة السورية .. أقامت مديرية ثقافة دمشق / المركز الثقافي العربي بأبو رمانة . أقام ندوة خاصة ذكرت فيها مناقب القائد الراحل .. وسط حضور جماهيري كبير .. تمثل بالأساتذة نعيمة سليمان مديرة ثقافة دمشق ، والأستاذ علي بقلة مدير المركز الثقافي العربي بأبو رمانة .. وبحضور كريم من السيد بكور عاروب .. المنسق السوري لبحوث الرأي العام .. وعدد من رجالات السياسة والثقافة والفن .. ووجهاء العشائر .. اللذين أبلوا بلاء حسنٱ في تقديم مداخلاتهم فور انتهاء الندوة بتاريخ ١٠/ ٦/٢٠٢٣عند الساعة الخامسة والنصف مساء .. قدم الحضور السيد علي بقلة مدير المركز الثقافي العربي بأبو رمانة .. فيما أدارها اللواء الدكتور حسن حسن .. ود سمير أبو صالح / الأمين العام لحملة رفع الحصار عن سوريا .. أشار به الأساتذة إلى مناقب القائد الراحل ودور سوريا البارز في إعادة توطيد الأمن والأمان في المنطقة .. بقيادة الرئيس المفدى بشار حافظ الأسد .. رئيس الجمهورية العربية السورية .. وفي ختام الندوة قدمت الأستاذة نعيمة سليمان مداخلة هامة أكدت فيها عن أهمية هذه المناسبة .. وتطرقت إلى دور سوريا المؤثر في تجسيد اللحمة العربية قيادة وشعبٱ .. وتبقى سوريا عصية على أعدائها .. ويبقى نبض العروبة الصادق .. يشكل وميضٱ في أفق الثوابت الوطنية العربية .. فمن رفع ساريتها فبحرنا واحد .. ومن ابتغى غيرها هدفٱ ، فلا مقام لمقالته في نبض ..
Discussion about this post