سَلامَةُ: السِّيمْفُونِيَةُ الخَالِدَةُ الَّتِي حَوَّلَتْ تُرَابَ القَرْيَةِ إِلَى تَرَانِيمَ
بقلم : سلمى صوفاناتي
فِي بُقْعَةٍ مِنَ الأَرْضِ لَا تَعْرِفُهَا الخَرَائِطُ،
حَيْثُ يَنْسَابُ النِّيلُ كَشَرِيطٍ حَرِيرِيٍّ يَرْبِطُ السَّمَاءَ بِالمَاءِ،
كَانَتْ تَعِيشُ “فَتَاةٌ اسْمُهَا العِشْقُ”..
سَلامَةُ..
صَوْتُهَا كَانَ “مُذَنَّبًا نُورَانِيًّا” يَعْبُرُ الكَوْنَ
قَبْلَ أَنْ يَسْتَقِرَّ فِي حَنْجَرَتِهَا..
—
“مَشْهَدُ الافْتِتَاحِ: حِينَما يَكْتُبُ النِّيلُ مُقَدِّمَةَ الفِيلْمِ”
فِي صَبَاحٍ لَمْ يُقَرِّرْ بَعْدُ إِنْ كَانَ ضَبَابًا أَمْ دُمُوعًا،
كَانَتْ سَلامَةُ (أُمِّ كُلْثُومٍ) تَغْسِلُ وَجْهَهَا بِمَاءِ النِّيلِ،
فَيَنْسَابُ الصَّوْتُ مَعَ التَّيَّارِ،
وَيُصْبِحُ النَّهْرُ “خَيْطًا صَوْتِيًّا” يَرْبِطُ القُرَى بِبَعْضِهَا.
وَأَبُوهَا الشَّيْخُ زَهْرَانَ كَانَ يَقُولُ:
“هَذِهِ مَوْهِبَةٌ مِنَ الرَّبِّ.. فَلَا تَدَعُوهَا تُفَارِقُ المِحْرَابَ”.
—
“اللِّقَاءُ الَّذِي غَيَّرَ مَسَارَ النَّهْرِ”
المُهَنْدِسُ نَبِيلٌ (يُوسُفُ وَهْبِي) لَمْ يَأْتِ لِبِنَاءِ الجُسُورِ فَقَطْ،
بَلْ جَاءَ لِيَكُونَ “الجِسْرَ نَفْسَهُ” بَيْنَ عَالَمَيْنِ.
عِنْدَمَا سَمِعَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ،
“سَقَطَتْ كُلُّ أَوْرَاقِهِ الفَنِّيَّةِ فِي النِّيلِ”،
وَأَصْبَحَتْ حَيَاتُهُ “مَشْرُوعًا وَاحِدًا”: كَيْفَ يَرْوِي ظَمَأَ قَلْبِهِ لِهَذَا الصَّوْتِ؟
لَكِنَّ عَلِيَّ الغُنْدُورَ (مُحَمَّدَ عَبْدِ الوَهَّابِ)
كَانَ يُرَاقِبُ المَشْهَدَ مِنْ وَرَاءِ سِتَارِ المَالِ،
مِثْلَ “عَقْرَبٍ يَنْتَظِرُ تَحْتَ وَرَقَةِ يَاسَمِينٍ”..
—
“الأُغْنِيَةُ الَّتِي هَزَّتْ عَرْشَ القَدَرِ”
فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي قَرَّرَ فِيهَا الجَمِيعُ نَبْذَ نَبِيلٍ،
وَقَفَتْ سَلامَةُ عِنْدَ مُنْحَنَى النِّيلِ،
حَيْثُ المِيَاهُ تُهَمْهِسُ بِأَسْمَاءِ العُشَّاقِ،
وَغَنَّتْ “إِنْ كُنْتُ أُسَامِحُ”.
كَانَتِ الكَلِمَاتُ “سَكَاكِينَ مِنْ نُورٍ”،
تَشُقُّ ظَلَامَ المُؤَامَرَةِ،
حَتَّى أَنَّ النُّجُومَ “تَخَلَّعَتْ مِنْ أَمَاكِنِهَا”
لِتَسْمَعَ أَجْمَلَ..
بَكَى الشَّيْخُ زَهْرَانُ..
تَوَقَّفَ النِّيلُ عَنِ الجَرَيَانِ لِلَحْظَةٍ..
حَتَّى عَلِيُّ الغُنْدُورِ “ارْتَعَشَ كَوَرَقَةِ خَرِيفٍ”
عِنْدَمَا أَدْرَكَ أَنَّ بَعْضَ الأَصْوَاتِ
“لَا تُشْتَرَى بِالذَّهَبِ “..
—
“المَشْهَدُ الأَخِيرُ: زِفَافٌ يَلِيقُ بِالخَالِدِينَ”
بَعْدَ أَنْ اعْتَرَفَ الغُنْدُورُ بِمَكْرِهِ،
وَبَعْدَ أَنْ “أَضَاءَتِ الحَقِيقَةُ كَالْفَجْرِ”،
وَقَفَ الشَّيْخُ زَهْرَانُ بَيْنَهُمَا قَائِلًا:
“خُذْهَا يَا نَبِيلُ..
لَكِنِ اذْكُرْ دَائِمًا
أَنَّ هَذَا الصَّوْتَ “لَيْسَ مِلْكًا لِأَحَدٍ”،
بَلْ هُوَ وَقْفٌ عَلَى الجَمَالِ”.
فِي لَيْلَةِ العُرْسِ،
كَانَتِ القَرْيَةُ كُلُّهَا “كُورَالًا سَمَاوِيًّا”،
يُغَنُّونَ مَعَ سَلامَةَ “الوَرْدُ جَمِيلٌ”،
بَيْنَمَا كَانَ النِّيلُ “يُدَوِّنُ الأُغْنِيَةَ” فِي سِجِلَّاتِهِ الأَبَدِيَّةِ..
—
“الخَاتِمَةُ: بَقَايَا السِّيمْفُونِيَةِ”
اليَوْمَ..
لَا يَزَالُ كِبَارُ السِّنِّ فِي القَرْيَةِ يُقْسِمُونَ
أَنَّهُمْ أَحْيَانًا عِنْدَ الفَجْرِ
يَسْمَعُونَ صَدَى أُغْنِيَةِ سَلامَةَ
“يَتَزَاحَمُ مَعَ أَذَانِ الفَجْرِ”.
وَأَنَّ مَنْ يَغْسِلُ وَجْهَهُ بِمَاءِ النِّيلِ فِي الصَّبَاحِ
قَدْ يَجِدُ بَعْضَ كَلِمَاتِ الأُغْنِيَةِ
عَلَى خُدُودِهِ..






































