بقلم د. عبد العزيز يوسف آغا.
اكتُشف فيروس جدري القردة في الدنمارك (1958) عند قردة احتفظ بها لأغراض البحث العلمي.
وسجلت أول حالة إصابة بشرية بفيروس إمبوكس عند صبي يبلغ من العمر تسعة أشهر في جمهورية الكونغو الديمقراطية (1970).
وبعد القضاء على جدري القردة في عام 1980 ونهاية التطعيم ضد فيروسه في جميع أنحاء العالم، ظهر جدري القردة بشكل مطرد في وسط إفريقيا وشرقها وغربها. ومنذئذ، أبلغ عن حالات متفرقة من إمبوكس في وسط وشرق إفريقيا (الفرع الحيوي الأول) وغرب إفريقيا (الفرع الحيوي الثاني).
وفي عام 2003، ربط تفشي المرض في الولايات المتحدة الأمريكية بالحيوانات البرية المستوردة (الفرع الحيوي الثاني). ومنذ عام 2005، استمر الإبلاغ عن آلاف الحالات في جمهورية الكونغو الديمقراطية كل عام. وفي عام 2017، عاود إمبوكس الظهور في نيجيريا واستمر في الانتشار بين الأشخاص في جميع أنحاء البلاد وفي صفوف المسافرين إلى وجهات أخرى.
وفي أيار/مايو 2022، ظهر تفشي إمبوكس فجأة وسرعان ما انتشر في جميع أنحاء أوروبا والأمريكتين ثم في جميع أقاليم منظمة الصحة العالمية الستة.
وأثر التفشي العالمي في المقام الأول (ولكن ليس فقط) على الرجال المثليين ومزدوجي الميل الجنسي وغيرهم من الرجال الذين يمارسون الجنس مع رجال وانتشر من شخص إلى آخر من خلال الشبكات الجنسية.
وفي عام 2022، حدث تفشي لإمبوكس بسبب الفرع الحيوي الأول في مخيمات اللاجئين في جمهورية السودان.
ومنذ عام 2022، سُجلت أيضا زيادة مفاجئة ارتفاع في حالات الإصابة بإمبوكس والوفيات الناجمة عنه في جمهورية الكونغو الديمقراطية. في بعض مناطق البلد، انتشر متفرع جديد من الفرع الحيوي الأول، يسمى الفرع الحيوي 1 ب، من شخص لآخر. وحتى منتصف عام 2024، أبلغ عن ظهور الفرع الحيوي أيضا في بلدان أخرى.
وأبلغ أكثر من 120 بلدا عن حالات إصابة بإمبوكس بين كانون الثاني/يناير 2022 وآب/أغسطس 2024، إذ أبلغ عن أكثر من 100000 حالة مؤكدة مختبريا وأكثر من 220 حالة وفاة بين الحالات المؤكدة:
العلامات والأعراض:
يسبب إمبوكس علامات وأعراض تظهر عادة في غضون أسبوع ولكنها قد تظهر أيضا بعد يوم واحد إلى 21 يوماً من التعرض للفيروس. وتستمر الأعراض لمدة تتراوح عادةً من أسبوعين إلى 4 أسابيع ولكنها قد تستمر لفترة أطول لدى شخص يعاني من ضعف في جهاز المناعة.
أعراض المرض:
وتشمل الأعراض الشائعة لإمبوكس ما يلي:
الطفح الجلدي
الحمى
التهاب الحلق
الصداع
آلام العضلات
آلام الظهر
الوهن
تورم الغدد الليمفاوية
وعند بعض الأشخاص، تشمل أولى أعراض إمبوكس ظهور الطفح الجلدي، في حين قد تشمل أولى الأعراض لدى أشخاص آخرين الحمى وآلام العضلات والتهاب الحلق.
وغالبا ما يبدأ طفح إمبوكس الجلدي في الظهور على الوجه وينتشر في جميع مناطق الجسم ثم ينتقل إلى راحتي اليدين وباطن القدمين. ويمكن أن يبدأ أيضا في أجزاء أخرى من الجسم حيث جرى الاتصال، مثل الأعضاء التناسلية. ويتخذ بداية شكل قرحة مسطحة تتطور إلى نفطة مليئة بسائل قد يسبب حكة أو قد يكون مؤلما. وعندما يشفى الطفح الجلدي، تجف الآفات وتتقشر وتتساقط.
وقد تظهر على بعض الأشخاص آفة جلدية واحدة أو عدد قليل من الآفات الجلدية وتظهر على البعض الآخر مئات من هذه الآفات أو أكثر. ويمكن أن تظهر هذه الآفات في أي موضع من الجسم بما في ذلك:
راحتا اليدين وباطن القدمين
الوجه والفم والحلق
الأُرْبِيَّة ومناطق الأعضاء التناسلية
الشرج.
التشخيص:
وقد يكون من العسير الكشف عن إمبوكس نظرا إلى وجود حالات عدوى واعتلالات أخرى قد تبدو مشابهة له. ومن المهم التمييز بين إمبوكس والحماق والحصبة والتهابات الجلد البكتيرية والجرب والهربس والزهري وغيرها من أنواع العدوى المنقولة جنسياً والحساسية الناتجة عن الأدوية. وقد يكون الشخص المصاب بإمبوكس أيضاً مصاباً في الوقت ذاته بعدوى أخرى منقولة جنسياً مثل الزهري والهربس. وفي المقابل، قد يكون طفل يشتبه في إصابته بإمبوكس مصاباً أيضاً بالحماق. ولهذه الأسباب، تشكل اختبارات التشخيص عنصراً أساسيا يتيح للأشخاص الحصول على الرعاية في أقرب وقت ممكن والوقاية من الإصابة بالمرض الوخيم والمزيد من الانتشار.
ويتمثل أفضل فحص مختبري لإمبوكس في الكشف عن الحمض النووي الريبوزي عن طريق تفاعل البوليميراز المتسلسل. وتؤخذ أفضل العيّنات التشخيصية مباشرة من الطفح – الجلد أو السائل أو القشور- التي تجمع بعملية محكمة تؤخذ فيها مسحات لتشخيص المرض. وفي حال عدم وجود آفات جلدية، يمكن إجراء اختبارات التشخيص باستخدام مسحات تؤخذ من الفم والبلعوم أو الشرج أو المستقيم. ولا ينصح بإجراء اختبارات تشخيص للدم. وقد لا تكون أساليب الكشف عن الأجسام المضادة مفيدةً لأنها لا تميز بين مختلف أجناس الفَيْرُوسة الجُدَرِيَّة.
وينبغي إتاحة اختبار فيروس العوز المناعي البشري للبالغين المصابين بإمبوكس والأطفال حسب الاقتضاء. وينبغي النظر في إجراء اختبارات تشخيصية للإصابة بحالات أخرى حيثما أمكن، مثل الفيروس النطاقي الحماقي والزهري والهربس.
العلاج واللقاحات:
الهدف من علاج إمبوكس هو العناية بالطفح الجلدي والتدبير العلاجي للألم والوقاية من المضاعفات. والرعاية المبكرة والداعمة مهمة للمساعدة في التدبير العلاجي للأعراض وتجنب المزيد من المشاكل.
ويمكن أن يساعد الحصول على لقاح إمبوكس في الوقاية من العدوى (العلاج الوقائي قبل التعرض). ويوصى بتطعيم الأشخاص المعرضين بشدة لخطر الإصابة بإمبوكس، خاصة أثناء التفشي.
وتشمل الفئات التي قد تكون معرضة لخطر الإصابة بإمبوكس ما يلي:
العاملون في مجالي الصحة والرعاية المعرضون لخطر التعرض للفيروس؛
الأشخاص الذي يعيشون في منزل واحد مع شخص مصاب بإمبوكس أو في محيط قريب منه، بمن فيهم الأطفال؛الأشخاص الذين لديهم شركاء جنسيون متعددون، بمن فيهم الرجال الذين يمارسون الجنس مع رجال؛ والمشتغلون بالجنس من أي جنس وعملاؤهم.
ويمكن أيضا إعطاء اللقاح بعد أن يخالط شخص شخصا آخر مصابا بإمبوكس (العلاج الوقائي بعد التعرض للفيروس). وفي هذه الحالات، يجب إعطاء اللقاح بعد أقل من 4 أيام من مخالطة شخص مصاب بإمبوكس. ويمكن إعطاء اللقاح لمدة تصل إلى 14 يوما إذا لم تظهر الأعراض على الشخص.
وقد حصلت بعض الأدوية المضادة للفيروس على إذن باستعمالها في حالات الطوارئ في بعض البلدان ويعكف على تقييمها في تجارب سريرية. ولا يوجد حتى الآن علاج مضاد لفيروس إمبوكس أثبت فعاليته. ومن الأولويات مواصلة تقييم العلاجات في التجارب السريرية القوية والتركيز على تحسين الرعاية الداعمة للمرضى.
وينبغي أن يستمر الأفراد المصابون بفيروس العوز المناعي البشري وإمبوكس الاستمرار في تلقي العلاج بمضادات الفيروسات القهقرية. وينبغي البدء في تلقي العلاج بمضادات الفيروسات القهقرية في غضون 7 أيام من تشخيص الإصابة بفيروس العوز المناعي البشري.
وقانا الله وإياكم شر المرض.
على طريق النور نسير،،،،
وعلى المحبة نلتقي،،،،
Discussion about this post