هل تساهم افلام الرسوم المتحركة في تطوير البراعم الناشئة كرويا …
سعد ابو ذر
واحدة من أهم عناصر النهضة اليابانية بمختلف المجالات وتسويق ثقافة المجتمع الياباني ، هي محاكاة الاجيال الناشئة ، التواصل لغرض فهم الحاجات الاساسية لتلك الاجيال ، والتعرف على المواهب والقدرات التي تمتلكها ، بغية صقل تلك المواهب والاستفادة منها مستقبلا وفي شتى المجالات ، وتوفير كل ما من شأنه ان يساعد في تنمية تلك المواهب عبر توفير الظروف الملائمة ، والبيئة التي تسهم في التنمية المستدامة …
ومع منتصف ثمانينيات القرن المنصرم ، وبزيادة توسع رقعة لعبة كرة القدم لتتسيد الساحة الرياضية ، وجدت المؤسسات اليابانية الكروية نفسها متأخرة تماما عن اللحاق بأقرانها من القارة ، وهذا ما لايليق بالنهضة الشاملة بشتى المجالات ومنها التفوق في الرياضات الفردية ، لذا عكفت المؤسسات اليابانية المختصة على دراسة ابرز الطرق والنظريات التي يتم تبنيها من اجل خلق جيل كروي مستقبلي قادر على الحضور المستمر في المحافل الدولية والقارية الخاصة باللعبة ، ومن خلال البحوث والدراسات تم اقتراح تبني سلسلة افلام كارتون يختص بالترويج للعبة بين القطاعات الناشئة ، بل تم انتاج العديد من افلام الكارتون الخاصة بالكرة ، منها ( ابطال الملاعب / حميدو ) ، لكن يبقى كارتون ( كابتن ماجد ) او باللغة اليابانية ( كابتن تسوبوسا) هو الايقونة والرمز الاكبر في هذا المجال …. اذ ان جودة الصناعة ، والحبكة الدرامية ، والقصة المميزة جعلت هذه السلسلة تصل الى المتلقي وتؤثر به تماما ، فكيف الحال اذا كانت تلك الشريحة المستهدفة هي الاجيال الناشئة سريعة التأثر بالمحيط والبيئة ، فحققت المؤسسة الكروية هناك قفزة نجاح هائلة من خلال هذا الاسلوب ، بل ربما شكلت قصة ( كابتن تسوبوسا ) الدافع الاكبر والمؤثر الاعظم في التطوير الذهني ورفع سقف الطموح للبراعم الناشئة ، ولم يقتصر تأثير السلسلة الكارتونية على المحيط الداخلي لليابان ، بل امتد التأثير الى شتى بقاع العالم في اوربا وامريكا وحتى المنطقة العربية ، نجم الكرة الاسبانية السابق ( فيرناندو توريس ) ذكر احدى المرات ان قدوته في عالم الكرة هو ( كابتن تسوبوسا ) ، مما يدل على شعبية السلسلة وقدرتها على تخطي الحواجز والحدود ، وحتى نحن لا زلنا في هذه السن نتذكر ( ضربة النمر ، ضربة الصقر ) ، وحتى الشخصيات الرئيسية في السلسلة مثل ( ياسين ، بسام ) وغيرهم …
ويظهر تأثير السلسلة بالجانب الذهني والروحي في المقام الاول ، اذ يسعى الصبي الناشيء لمحاكاة تجربة النجاح التي يخوضها كابتن فريق ( المجد ) ، حيث يقوم بتقليد حركات النجم الكارتوني ، بل سيظهر تأثير اكبر للكابتن ( ماجد ) حتى في بناء الشخصية داخل الملعب ، اذ تزرع مباديء وقيم احترام الخصم ، والتعامل بإحترافية مع الاقران في تكوين البرعم الناشيء ، ولا نبالغ اذ قلنا ان من افرازات وتأثير الثقافة اليابانية في هذا الجانب ان المنتخب الياباني واللاعب الياباني يحظى بإحترام وتقدير عال من مختلف المؤسسات الكروية في العالم ، كذلك انعكست مفاهيم الاحترافية الكروية للاعب الياباني على الجمهور الذي لطالما كان مثالا يحتذى به من على المدرجات ، ولا نعزي كل عوامل النجاح في الكرة اليابانية ل سلسلة كارتونية ، لكن افلام الرسوم المتحركة كانت اداة مهمة في فرز تجربة محترمة اثرت ولا زالت بعالم الكرة وبمساحات متباينة ..
ومن خلال ما تقدم نجد ان هناك عوامل مختلفة قد لا تخطر على البال تساهم الى حد كبير في تطور وتنمية المواهب الناشئة ، فالمنتخب الياباني ومنذ بداية التسعينات في القرن الماضي اصبح رقما صعبا في معادلة الكرة الاسيوية ، محققا نتائج طيبة اقليميا ودوليا ، ولا زال هنالك خطط مدروسة لتقديم اجيال أكثر موهبة واحترافية للسنوات القادمة …
Discussion about this post