ألمانياً مثالاً.. 180 يوماً دمرت اقتصاد أوروبا لكن ماذا عن سوريا؟.
كتبت نداء حرب
قلق شديد تشهده القارة الأوروبية مع استمرار خفض إمدادات الطاقة الروسية، خاصة وأن الدول الأوروبية تعتمد بشكلٍ كامل على الغاز الروسي، وانقطاعه يعني دخول القارّة في كارثة اقتصادية غير معلومة النتائج، لكن ملامحها بدأت تظهر إلى العلن في بلدان مختلفة.
ألمانيا كانت من أكثر الدول الأوروبية التي تأثرت بالأزمة الأوكرانية التي اندلعت في شباط الماضي، وما تبعها من صراع اقتصادي أوروبي – روسي، فالاقتصاد والقطاعات الحيوية في ألمانيا تعتمد بالمطلق على الغاز الروسي، وهو عرّضها لأزمة غير مسبوقة.
ورفعت ألمانيا درجة الاستنفار في نقص الغاز وتوزيعه إلى المستوى الثاني من بين ثلاثة مستويات للاستنفار، وفي المستوى الثالث ستفرض الحكومة سيطرتها الكاملة على عمليات توزيع الغاز الطبيعي في البلاد.
وردا على خفض روسيا لكميات الغاز التي تصدرها لألمانيا، يسعى وزير الاقتصاد روبرت هابيك، إلى إصدار مجموعة من التعليمات والقوانين واتخاذ إجراءات لضمان أمن الطاقة، مثل ملء خزانات الغاز الـ 23 في ألمانيا بنسبة 75 بالمائة حتى شهر أيلول.
وفي المنازل أيضاً فرضت ألمانيا توفير استهلاك الغاز، وفي الدوائر الحكومية والمباني المكتبية ينبغي عدم تدفئة الممرات والردهات والقاعات الكبيرة.
وإذا لم تعاود روسيا زيادة تدفق الغاز إلى ألمانيا، فإن سعره سيرتفع بكل الأحوال، وهذا يجلب معه مخاطر اجتماعية كبيرة، لأن الأسر الفقيرة لن تستطيع دفع التكاليف المرتفعة جداً للتدفئة، والطبقة المتوسطة لن تستطيع تحمل التكاليف أيضاً.
وتتجه ألمانيا ودول أخرى أوروبية نحو تبني نظام الحصص في إمدادات الغاز الطبيعي، وهي كلها مكونات اقتصاد الحرب، كما أعادت برلين تشغيل مولدات الفحم، بعدما أصرّت لوقت طويل على التخلي عن استخدام محطات الفحم تماماً.
ودفع الخوف من نقص كبير في الغاز، في أعقاب الحرب في أوكرانيا، سكان العاصمة الألمانية إلى شراء الفحم الذي صار سلعة نادرة على الرغم من الأضرار التي يمكن أن تسببها وسيلة التدفئة الملوثة هذه للبيئة.
“لم نر من قبل مثل هذا الاندفاع في الصيف.. الجميع يريدون شراء الفحم”، بهذه الكلمات يشرح التاجر فريتهوف إنغلكه الموقف.
ولهذا، اضطر الرجل، البالغ من العمر 46 عاماً والذي يدير شركة “هانس إنغلكه إنرجي” العائلية التي أنشئت قبل قرن، إلى تأجيل إجازته.
ويتعين على الشركة استلام الطلبات وترتيب عمليات التسليم بالشاحنات، وإعداد البضاعة لأولئك الذين يأتون مباشرة لشراء الوقود من المستودعات، مشيرةً إلى امتلاء جداول التسليم حتى تشرين الأول.
وفي برلين، ما زال 5 إلى 6 آلاف منزل يعتمد على الفحم للتدفئة، وهو عدد صغير جداً من نحو 1.9 مليون منزل في المدينة.
ولكن هذا العام، قصد الشركة عملاء جدد بأعداد كبيرة، كما يؤكد إنغلكه الذي قامت شركته الصغيرة بتنويع منتجاتها وصارت تبيع كريات الخشب وزيت الوقود.
الأكيد أن 180 يوماً من الحرب في أوكرانيا كانت كفيلة بإعادة ألمانيا عشرات السنوات إلى الوراء، مع العلم أن الحرب لم تكن في ألمانيا نفسها، والسؤال هنا إن كان الاقتصاد الألماني بكامل طاقاته وإمكاناته وقوته يقف عاجزاً أمام أزمة الطاقة التي تواجهه، فكيف يمكن لاقتصاد دولة مثل سوريا أن يتحمل حرب عسكرية تجري على أرضه واقتصادية تضغط عليه لمدة 11 سنة كاملة؟
كتبت نداء حرب
Discussion about this post