صديقي الثعلب
آما سمعت؟ قال لي صديقي الثعلب: ما يُقال؟
قلتُ: لا!
قال:
وقد قالوا: نحن أغنياء،
لو بعنا الواحةَ والحصن،
الأول قال: ١٠٠ مليار، والثاني قال: لا… بل تكثر في البيع، أنا الخبير.
قلت: صف لي ما كان حدّهم الأغبياء،
قال:
لو شافوا تعبَ البدن، ما كان الشريف من الحمقى،
إذ تعب وبنى المدن.
أنت والله ما اخترتَ أن تكون المعيل،
هي من ترتيب الأكبر، ولو كنتَ في التاسعة عشر،
كفالة بخمسة ورود… اثنين نخيل، والأمّ والجدة في إكرام.
هم البخلاء لو كانوا يعرفون أن المالَ، لو كثُر، وكثُر من الأكثر، يزيد فيه الكفر.
فالحمد لله على ما وفّر لهم وما هم فيه.
أكرمك الحاكم القوي بفضله أن تتمّ ما قدّمه الشريف. وأنت في مقامٍ بعونه… وما فشلتَ يومًا أن تكون عاجزًا أو رقيقًا أمام الأعداء. بل فرّوا فرارًا… إذ كنتَ دائمًا بالمرصاد.
وأقسم لك، لو تستسلم لهما، سوف يستهزئون بك حتى ولو كنت في فراش الموت.
صدقتَ يا صديقي الثعلب،
هذه هي الذئاب الجائعة، تُخطط وتنتظر، وظنّهم أكل الجثّة،
ذئاب وُلدت في جحيم الجوع واللهفة،
والثعلب له نسلٌ ومن نسبةٍ رفيعة،
خُلِق في زيت عسل وحضن زيتونة،
ما تغويه الدنيا وما فيها من متعة.
الذئاب جائعة، تنبح وتتشرّد، تنبح كأولاد عمومتهم الكلاب، والثعلب أميرٌ في القصر ويبقى أسدًا،
ثعلب خُلِق في حضن الشرف،
هو الثعلب الحيليّ، له حصن وكيسٌ من ذهب.
لا يُطيلون كثيرًا، وإلّا مصيرهم فجْر الصبح….
لا أنسى،
كلما دقّ المنقار في الحائط، رنّ من داخلي جرسٌ يذكّرني بالسنوات الحلوة والضحك مع السلطان، واليوم هو من فائدة الصبر والانتظار. كل دقّة بدمعة فرح تُبعد عني المر، وكلّ ما كان طبعهم الحسد يعميهم الغبار.
كلما دقّ المنقار فرّ مني العار، وكلما فرغ جيبي زادتني الفرحة، وأقول: يا ليتك تفرغ أكثر بكثير لتكمل فرحتي بديار السلطان.
وهل ديار السلطان تُباع وأنا حيٌّ أُرزق؟ لا، بل هي مقدسة، بل ستبقى صدقة جارية، لا ثمن لها حتى ولو كان ١٠٠٠٠٠٠ مليار. نحن في عالم عابر، كل شيء له قدر! وأقسم بالله الواحد الجبار، سوف أصلبهم في باب النخيل….
ولا أكون كالبخيل الذي سلّم مفاتيح الحمراء…
الموت بالسيف في اليد، أشرف من أن تعيش خاضعًا ذليلًا…
آما سمعت يا صديقي الثعلب…الداخلِ.
بقلم الكاتب عز الأندلسي
باريس
Discussion about this post