في عمق الليل كان المُحتَضِرُ ينازعُ بأنفاسه الأخيرة .. مَثُلَ طيف الفتاة التي بادلته بشعور الحب ، و قلبها المغدور شاهد إثبات .
بِمَ يُكفّرُ عن حبه الخجول .. لِمُتَيِّمتِه .. و لقلبها الذي غدر بوجده للإبقاء على عِفَّتِه ؟
قال لطيفها .. و سكرات الموت تَدبُّ من بين رِئتيه إلى قلبه :
ـ دونكِ .. هذا الرجل الاخر الذي يتربعُ في قِحْفتي . هو مَنْ ألجم جموحَ قلبي ، لكي يهيئني للرحيل بلا ذنوب . هو الذي عودني أن أحيد ” عن اعترافي بحبك” حتى يُبقي على طهارتي و لا تدنسني غواية امرأة .
* * *
كم أسرف بلوم نفسه .. حين طعن رِقَّتَها و لاذ بالصمت ؟
كم أثقل كاهلَه شعورُه بالخطايا ، و أبى أن يبيح لقلبه حريةً لِيَبِثَّ لها لواعِجَهُ ؟
كم غابت ألوانُهُما عند كل لقاء ، و هو يلوذ بلغة العيون .. بذكرياتٍ مُقَطَّعَة الأوصال ؟
أتتهُ غائبة الألوان ، و قَلْبُها ينتفض ، محاولاً أن يفلت من حنايا أضلعها. و توسلت قائلة :
ـ هيت لك …
فوّضَ الرجل الآخر القابعُ في قحفته نَفْسَه عوضا عنه قائلاً :
ـ معاذ الله …
قالت متضرعة :
ـ أنظر لخطاياك مع هذا القلب الشهيد ، أية عفة تبيح لك أن تسحق وجده ؟
قال المحتضر لطيفها :
ـ سيدتي … أنا المُصادرُ قَلْبَهُ من هذا الرجل الآخر ، القابعُ في قحفتي ، هو المدان بلجم لساني ، حتى أُتهيّأ للرحيل بلا ذنوب .
Discussion about this post