ثلاث نساء يوحدهن عشق جمال الحرف ورابعنا باحث فرنسي في الانثروبولوجيا الريفية .كانت الاسبانية (أنخيلا)متاففة من ريح الشركي التي تطوي واحدا من جناحيها على طقس طنجة العالية فيما كنت انا وطالبتي في وحدة دروس العربية الصيفية لغير الناطقين بها من باحثين وسفيرين وعشاق لغة (سيبويه) قد تاه بنا الخطو جهة الساحل وأنا أشرح لها كلمات بالأمازيغية في رواية(اتري).و أردف ان( اتري) تعني =نجم بالعربية الفصحى وللتعقيب كنت احدثها باسهاب مني عن جمال الشعر الامازيغي واصالته ومصطلحات أخري تفيد= امارك…كانت حذقة في تلقف المعاني فيما كانت هي تدون بدربة متعجلة شروحات الكلمات في مذكرة جيب وتحكم وضعها في حقيبتها الجلدية التقليدية والمشدودة على كتفها الايمن و كانت قد وضعتها طوقا في عنقها تجنبا ريما لسرقة أوضياع بدا لي منه سوء ظن بالاخرين و حزم أيضا رواية (اتري)ستكون مشروع اشتغالها لاعداد دبلوم دراسة عليا في الرواية الأمازيغية في بلدها ايطاليا.
تبددنا في طنجة العالية بعد ذاك (انخيلا) التي كانت ترغب في البحث عن _نكرسكو- لاجراء حوار مع الكانب محمد شكري…تأخرت عنا كثيرا من يدري قد تكون تاهت عنا او تاه الخطو بها في ليل طنجة الدي لاينام.اما أنا التي استهوتني ظلال روايات ( بول بولز= بعد قراءتي ل(شاي في الصحراء) وكانت قيد التوزيع في المكتبات فكنت فضلت تأجيل جلسة أدبية مع شكري الى الغد .وبرمجنا لمقابلة بولز في منزله انا و طالبتي الايطالية الجنسية الثانية(مارويسيا) .دليلنا الفرنسي (جوهر) الانطروبولوجي الذي يحفظ طنجة شارعا شارعا وزقاقا عن اخر عن ظهر قلب فهو ابن طنجة كما حكى لنا قبل هذه السفرة الادبية الى هذه المدينة وهي ومسقط راسه أيام الاقامة الفرنسية في المغرب.كان (حوهر) او (جاك) دليلا بارعا في بلوغنا الى شقة الروائي الأمريكي (بول بولز) العامرة.الكتاب والصحفيون يفذون من كل جهات العالم وجرس الشقة وكذلك الهاتف الثابت لا يتوقفان عن الرنين.نالتني دهشة غريبة حين انتبهت الى وشوشات من (جوهر) وهو يحادث الحكواتي الطنجي(المرابط) الحريص الوحيد على العناية بصحة بولز .كان واقفا عند راسه كملاكه الحارس لكنه كان ذكيا في فسج مسافة خطو للزائرين اليه للتحدث اليه بصوت منخفض.حينما وصل دوري كنت كالان أتذكر دوما ماتعلمه من أبي/ الأديب من مشاعر النبل و احترام وتبجيل الأدبا ء أهل سلطة القلم وذوي الكلام الحسن تماما كما تذكرت قوله لي بأن الأدب مدخل ملكي الى جنائن الفنون والمعارف.وفيما نجحت في الوصول الى موضع بولز وكان سريرا بسيطا لا يسع الا لجسده النحيف فيما يعانق اوراقه التي كان يدون عليها بارتعاشة يده الممسكة بقلبه وقلمه في قبضة فنان جدير بلوحة خالدة في جنان الأدب نوتات موسيقة منسابة على هدأة الورق.كان يبدو غير عابئ بالاضواء المرسلة كأشعة ماطرة من الات التصوير .تدكرت على التو =(اتري) .وأنا اضع حنان كفي على ارتعاشة انامله التي جعدها الزمن لاحاول جره بفضول طفولي الى سرد على قدر قوته في مجمعنا ولو بجرة حروف مسموعة عن طفولته التي كانت لحظة انخطاف مخياله سرا عن أبيه الى باب أهل الأدب.كان الخشوع في حضرة حديثه انجذابا ممتعا ملؤه السحر بعجائب مملكة الابداع وفيما أنا أسترق السمع الى شجى سيرته وكان صوته شاحبا نال منه عياء الشيخوخة والمرض كنت كلي اصغاء لوجيب قلبه المتعب المشدود باوتار السمفونية التي كان يكتب حروفها بمتعة متعبة وكانت لا تزال على جنب كفه الايمن كانها كانت تعزفه معزوفة رمق لبعض من حياة. وفيما أنا امسح الغرفة المكتظة بمعجبيه بناظري المفعم بالنجوى استرقت عيناي شعاع ( اتري) من جهة النافذة المنفتحة على عين ليل السماء وزاوية من تلة تطل بخجل على البحر فيما انكشف أمره وكان هو من استرقني من بين جموع كانت تحيط ب(بولز) على حين غرة.
Discussion about this post