عملاقة الفن العربي …..الفنانة ميادة الحناوي في حوار خاص للرواد
بقلم : سلمى صوفاناتي
تنساب الانغام على شفتيها وتخدق بكبرياء كجداول عطر امتزجت بماء الورود ..تحار الحروف والكلمات لتصف جمال صوتها المخملي المدجج بالوقار والهيبة .. سورية الجنسية .. عربية الهوية .. اقسمت انها لن تدخل الى عالم الفن الا اذا قابلت كبار الكتاب والملحنين .
وشاءت الأقدار ان تكون ساعة اجابة من الله تعالى لتبدأ مشوارها الفني وهي لا تزال يافعة بعمر الورود .. اختصها الله باطلالة ملائكية تجسدت في جمال محياها .. وحلاوة معناها ..في عينيها تنسكب زرقة البحار .. وفي شفتيها صبغة حمراء ممزوجة بلون الورود .. استطاعت بفترة قصيرة لا تتجاوز الاربع سنوات ان تصنع مكانة مرموقة غير مسبوقة .. لتحلق في فضاء الفن .. وتشرع باجنحتها في سماء الوطن العربي وخارجه .. كانت معبودة للجماهير وكبار عمالقة الفن ..
كيف لا وهي تنفرد بخاصية جعلتها تأسر القلوب والعقول معا .. ورثت جمال الصوت والمحيا عن والديها وكذلك باقي اخوتها .. فهي تنتمي لعائلة فنية طيبة المنبت .. سلالة الاكابر .. كابر عن كابر .. أسرة مكونة من اربعة اخوة .. عدنان ، عثمان ، ميادة ، فاتن .. من مواليد مدينة حلب الشهباء حي الجلوم .. استحقت الحصول على لقب مطربة الأجيال .. وحازت على عدد غزير من التكريمات في كل الدول العربية .. واخر اوربية ..انها تحفة من تحف الشرق ..
الفنانة الكبيرة ميادة الحناوي ، والتي حلت ضيفة كريمة على اسرة مجلة الرواد المصرية، لتنثر لنا عطرا فواح لاينضب ولا ينفذ .. وعلى لسان ست الحسن والجمال تشرفت ان انقل لكم اضاءة بسيطة عن مسيرتها الذاخرة بالعطاء والتميز .. تقول ايقونة الغناء العربي
بدأت مسيرتي الفنية في عمر مبكر 14 سنة .. في البداية كانت اختي الراحلة فاتن الحناوي، تمتلك صوت كواليتي .. غنت في بداياتها لكوكب الشرق ام كلثوم ، بإحساس عالي واداء مميز .. اتيحت لي فرصة الغناء والتعامل مع احد الملحنين انذاك .. ولكني أثرت ان لا اعمل في هذا الوسط الا مع الكبار .. واللي يبتدي كبير يفضل كبير .. (مثل مصري ) شاءت ارادة الله ، ان تتحقق امنيتي .. وتجاب دعوتي .. وسنحت لي الظروف ان التقي بالموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب ..
الذي التقيته عن طريق احد الأصدقاء .. كنت برفقة فاتن وعثمان اخوتي .. وكان يمتلك منتزه بلودان في سوريا .. ويقدم إلى دمشق في كل عام .. حين سمع صوتي وصوت اختي ، قال لنا اختار ذات الشعر الأحمر .. ووقع الإختيار علي وسمعني لمده ثلاثة ايام وانا اغني لكوكب الشرق ام كلثوم .. تبناني عبد الوهاب ، وكانت لهذه الخطوة منعطفا كبيرا في حياتي الفنية .. لصالح شركته صوت الفن .. اصطحبني مع اخوتي عدنان ، وعثمان إلى القاهرة ، وعني بموهبتي على النحو الصحيح .. بدأت بعمل البروفات لأغنية في يوم وليلة من كلمات الشاعر حسين السيد ..
كان اخي عثمان يوثق كل صغيرة وكبيرة بصور وفيديوهات ، فهو يمتلك ارشيفا كاملا عن اعمالي .. وكان داعما لي في كل خطواتي .. لم يمنعه عمله في مجال الإعلام عن تزكيتي والأخذ بيدي ..وجاء قرار ترحيلي إلى لبنان كالصاعقة بالنسبة لي .. والسبب في ذلك غيرة السيدة نهلة القدسي ، زوجه عبد الوهاب مني .. وكذلك بعض الفنانات اللاتي تحولن من منافسين إلى خصوم في تلك الحقبة الزمنية.
كانت اعز صديقاتي الفنانة فايزة احمد ، التي لقيت منها الحفاوة والترحيب ، وحسن الصحبة ..طلبت السيدة نهلة من الوزير ترحيلي من مصر .. فوجئت برجال الأمن يقومون بترحيلي من المنزل دون ان يمنحوني الفرصه لحزم حقائبي ، وكنت على موعد مع فايزة احمد ، ف فايزة ومحمد سلطان، كانوا من خيرة الأصدقاء ..عندما علمت ان الامر قد حسم اجهشت بالبكاء لكنني لم انحني امام تلك العاصفة اوغيرها ..
كنت جبل لاتهزه الرياح العاتية .. تم ترحيلي إلى لبنان ثم دخلت دمشق وفوجئت بسماع اغنيتي ، التي كنت قد انهيت تقريبا البروفات لاسجلها .. واذ بوردة الجزائرية تغنيها عوضا عني ، ولكنها قامت بتعديل بعض الكلمات .. الا ان ارادة الله كانت اكبر من كل شيء اتصلت بمحمد الموجي ، وبليغ حمدي ، وابتدى المشوار بقدومهم الى سوريا لمقابلتي ، واغلب صناع الفن والعمالقة جاؤوا الى سوريا من اجلي .. لم يكن سبق لمطربة اخرى ما هيئته اراده الله لي، اذا اراد شيئا فانما يقول له كن فيكون .. وكانت اول حفلة لي بعام 1980 على مدرج شيراتون دمشق ، وقمت بتوقيع اغنيتي الأولى، ياغائبا ، مع العملاق محمد الموجي ، وكذلك اسمع عتابي .. في ذلك الوقت كان بليغ حمدي منفصل حديثا عن ورده وكان بلندن ، وكنت على قطيعة مع محمد عبد الوهاب ..
وارسلت نسخة عن شريط لي اسمه عتاب منعت منه مع الموجي .. ياغائبا لاتغيب .. وقتها جاء الموجي ليمكث في دمشق 3 أيام وبقي اربعة سنوات متواصلة عملت خلالها بأغنية فاتت سنة ، الحب اللي كان ، مش عوايدك ، حبينا وتحبينا .. اعمل ايه .. انا بعشقك ، تلج ونار ، اول واخر ، اناحبيت ولا ايه .. ومن ثم بدات التعامل مع فاروق سلامة ، اخذت اول عمل نعمة النسيان ، واول ماشفتك حبيتك ..
وكان هناك تعاونا فنيا مع رياض السنباطي اشواق وساعة زمن ، ومع محمد سلطان ..اكثر من ، اخر الزمن ، رجعنا للبداية ، مش انا ..وكانت النقلة النوعية حين جلت الوطن العربي بأكمله وبعض الدول الاوربية ، وتوسع انتشاري وزادت نجوميتي داخل الوطن وخارجه .. وجائني الى سوريا كبار العمالقة امثال ، محمد الموجي ، وبليغ حمدي ، وفاروق سلامة ، ومحمد سلطان ، ومحمد مكاوي ، وكثيرين لا احصي الان اسماؤهم ..
كانت الالحان تسمع بسوريا ، وتسجل مع الفرقة الماسية باليونان .. تعاقدت مع عالم الفن مع الاستاذ محسن جابر .غنيت لأعظم الكتاب امثال احمد رامي اول ماشفتك حبيتك ، واغنية الحل الوحيد .. ومع حسين السيد، في ساعة زمن، ومع عبد الرحمن الأبنودي ، هي الليالي كده ، سيبولي قلبي وارحلوا .. غنيت في اعظم المنابر مثل، مدرج الرومان بقرطاج ..ودار الاوبرا المصرية ، وفي بعلبك، وعلى خشبة مسرح معرض دمشق الدولي ، وفي قلعه حلب ، ومسرح الكويت ، الذي كان مجمعا للعظماء .. اما عن اخر الفنانين اللذين قفلوا حياتهم بصوتي .. فهم :- رياض السنباطي الذي سجل مقالته الأخيرة اتمنى ان اختم حياتي بصوت ميادة ..بليغ حمدي الذي صرح قائلا : هذا الصوت يذكرنا بالعمالقة .. عمار الشريعي الذي قال عن صوتي اخر الاصوات المحترمة ميادة الحناوي ..
عانيت كثيرا من الحقد والحسد والغيرة من نجوم معروفة ، ولكن ذلك لم يثني ذراعي او يكسرني .. وعادت انطلاقتي وصرت اجول كافه البلدان العربية والاوربية صوت وصورة وحافظت على اصالة اسمي وفني ولوني وتاريخي .. في جعبتي اكثر من 190 اغنية كانت رصيدي الفني بعملي مع كبار الكتاب والملحنين .. عمالقة مصر الاشاوث .. كانت تلك التترات من ذهب الزمان .. حين كانت كلمات الاغاني الجميلة والاشرطة التي نقوم بتسجيلها رسائل حب يتداولها العشاق ..
انا انسانة يهمني الكيف قبل الكم .. توقفت في السنوات الاخيرة عن مزاوله بعض انشطتي لانني لم اجد احدا من الملحنين والكتاب الجدد يستحق ان اعمل معه في زمن العهر الفني الذي لايمد للزمن الجميل باي صلة .. كل هذا حفاظا على اسمي وفني وموقعي بين عمالقة الفن ..
ختاما اوجه بطاقة حب الى شعب مصر الشقيق وقيادته الحكيمة .. مصر ام الدنيا .. كفاني فخرا ان اعظم الكتاب والملحنين هناك اعطوني بسخاء وحب .. وشعب مصر احتضنني وكان له دور فاعل في شهرتي وانطلاقتي الفنيه .. فشكرا لمصر المحروسة واهل مصر الطيبين ، وشكرا لإدارة مجلة الرواد ، وكافة القائمين عليها على هذه الاضاءة اللطيفة على اهم اعمالي .. كل الحب للصحفية الواعدة : سلمى صوفاناتي …دمتم بالف خير ..
Discussion about this post