فجر ُ الكلمات المتحرّرة…
(حلمٌ غريب في قصّة امرأة)…
راحت الابنة تحرق ما تصل إليه يدُها …الثّياب ، والوسائد …
والأمُّ واجمة تفكّر أنَّ أصابعَها الجميلة لامَسَتْ هذه الأشياء بكلّ عاطفة الأمّومة كي يهنأ أولادُها في نومِهم البسيط المستكين…
وتتذكّرُ كيف تركتِ البيت ، بيت أهل زوجها…
وصوتُ أمِّه يتردّدُ في مسامعها… تقول له” تنبّه ، إنّها جميلة، مثقّفة … تنبّه”…
ومن يومِها، أصبح قاسياً… ينتزعُ دون شفقةٍ من زهوِ مشاعرها براعمَ إحساسها …يحطّمُ أغصانَ إرادتها… ويرمي بأزهارِ سعادتها دون رحمة…
لا !… لا تريد أن يعرفَ أهلُها عمقَ الهوّة الّتي سمحوا أن تنزلَ فيها…
إنَّ للأهل دوراً كبيراً في سعادة… أو تعاسة أبنائهِم…
لا يعرفون أنّ التّباعد الفكري …والثّقافيّ …والإنسانيّ …والبيئيّ …يمزِّق عُرى الإنسجام بين الرّجل والامرأة ولا يرتّقُه السّكوت …
ويأتي الأولاد ليسَ من جمالِ العلاقةِ إنَّما من حاجةِ الجسدِ للاكتمال…
ويتجزّأ إحساسُ المرءِ الى اثنين …كرامتُه …وشغفُه بالفرح …
راحتِ الابنة تحرقُ أغراضَ والدتها البخسة ، القديمة بنظرِها…
والأمُّ تحاول أن تُخلّصَ من النَّار بعضَها…
و “تنوس” …بين إلسنة اللّهب ثيابُها وأحلامُها معاً مضطرمةً …متعطّشةً بصمتٍ لرمادِ نهايتِها…
هكذا يُولَعُ فيكِ أيّتها الامرأة شغفُ نيرون …في إحراقِ مدينةِ أحلامِكِ … وقداختلقتِ من الحُلُمِ لحظاتِ عومٍ من غرقِ واقعكِ…
لماذا كانت الابنة تحرق كلَّ أغراضِكِ؟!…
ألأنّها تريدُ أن تغيّرَ حياتَكِ بتغييرِ حياتِها؟!…
هي تحبٌّك …و ترى نظراتِك الهائمه في صبركِ المشتّتِ الجريح …
أتريدُ انتشالَك من خيبةٍ… بتضحية جديدة؟…
لم يمضِ وقتٌ… وإذا بالفتاة …تُعرِّف أمّها الى ثريٍّ في ثياب بلون الأرجوان…
راح يُغدقُ على الإبنة الثّرواتِ والشّيكات …يغمرها بكرمِه …وكأنّه فتى أحلامها!!…
ويسترقُّ السّمع ليرى فرحَ رضى الابنة والأمّ بنعيم الحياة الموعودة…
وتأخذُ الفتاةُ من رزمةِ المال قبضةً … ترفُضُها الأمّ …
هي كرامتُها تعتقلُ يدَها أمامَ الأخذِ… وتحرّرها في العطاء…
إنّ الإنسان كثيراً ما يكون بشخصيّتين !…خاصةًفي الحلم …
الوهميّة القويّة … تراقب بتجرّدٍ الحقيقيّة…
وإذا بالمرأة تتمّنى من الوهميّة أن تقصَّ لها شعرَها …
دون إبطاءٍ … هي لحظات يرتمي قسمٌ من شعرها الطّويل الذّهبي مشعّثاً، مرميّاً، يشاكسُ الأرض والحياة …
وتتراءى لها ذاتها … امرأةً اخرى بشعرٍ قصير… وعينين منطلقتين الى الحرّيّة…
تتنازع فيها رغباتٌ غريبة …
وهل تقدر القويّة ، السّاكنة فيها أن تُخفّفَ من حدّة البركان المتأجّج في مشاعرِها المضطربة؟!…
يبقى وشاح الكرامة المتأصّل فيها …لا يُرمى بين ألسنة نيران الخذلان…
يا له من حلمٍ غريبٍ أعادكِ أيّتها الأنثى الجبّارة الى نبعك الأجمل…
لا تتأمّلي بالأفضل …
الحروف بين أناملك تعانِقُ بولهٍ …دموعَ القلم المنسكبة بين الصّفحات…
الدّمع لا يمحو …من مآقي الحروف المعاناة …
إنَّما يُنقذُكِ …من الغرق في أمواج اللّامبالاة…
والأحلامُ لا يجسّدُها إِلَّا بزوغ فجرٍ …أشعّتُه شمسُ الكلمات…
السَّاعَة 5:46/15septembre 2019
(من أين تأتي هذه المرأة الوهمية …الّتي هي أنا … وأنتِ … ونحن النِّسَاء …
وتحاسبُنا من البعيد …وتكون أكثر جرأةً منّا … ونعودُ الى رأيِها لأنّه الرّأي الصّائب ؟!…
وهذه الأحلام !… كيف تلاحقُ الإنسانَ ولا يدري أهيَ وهمٌ… أو منام؟!…
أم لأنّنا …من واقعنا نستمدُّ الأوهام ؟…)
بقلم الأديبة/ حسناء سليمان
Ghassan Halimi Photographe: الصّورة






































