أَحْمَدُ حَمَادَةَ: طِفْلُ الفَلَكِ وَرَائِدُ الأَحْلَامِ ..
بقلم : سلمى صوفاناتي
ثَمَّةَ لَحَظَاتٍ نَادِرَةٍ يُخَطُّ فِيهَا المُسْتَقْبَلُ مَلاَمِحَهُ الأُولَى، لَا عَلَى يَدِ العُلَمَاءِ المُخَضْرَمِينَ، بَلْ فِي هَمْسِ حُلْمٍ يَتَكَوَّنُ فِي عَقْلِ طِفْلٍ يُطَالِعُ السَّمَاءَ كَمَا لَوْ كَانَتْ كِتَابًا مُقَدَّسًا. هُنَاكَ، فِي المَسَافَةِ الدَّقِيقَةِ بَيْنَ دَهْشَةِ العَيْنِ الأُولَى وَعَدَسَةِ التِّلِسْكُوبِ، يُولَدُ الكَائِنُ الفَلَكِيُّ الكَامِنُ فِي الإِنسَانِ.
فِي عَالَمٍ تَزْدَادُ فِيهِ الأَسْئِلَةُ خَوَاءً، وَالأَحْلَامُ تَفْقِدُ لَوْنَهَا تَحْتَ ضَغْطِ اليَوْمِيِّ وَالتَّقْلِيدِيِّ، يَنْبَثِقُ أَحْمَدُ حَمَادَةَ كَصَوْتٍ غَيْرِ مُتَوَقَّعٍ… لَا لِيُحَدِّثَنَا عَنِ الفَضَاءِ كَمُتَلَقٍّ، بَلْ كَمُتَأَمِّلٍ. لَا كَهَاوٍ صَغِيرٍ تَسْتَهْوِيهِ الأَضْوَاءُ، بَلْ كَكَائِنٍ وُلِدَ وَهُوَ يَحْمِلُ سُؤَالًا كَبِيرًا: كَيْفَ نَفْهَمُ الكَوْنَ دُونَ أَنْ نَنْسَى أَنْ نَفْهَمَ أَنْفُسَنَا؟
هُوَ لَيْسَ “طِفْلًا مَوْهُوبًا” كَمَا يُحِبُّ الإِعْلَامُ أَنْ يَقُولَ، بَلْ هُوَ نِدَاءٌ لِمَا هُوَ أَعْلَى فِينَا، لِمَا هُوَ أَنْقَى. فِي حَدِيثِهِ، يَتَجَاوَرُ العِلْمُ وَالدَّهْشَةُ، وَتَتَمَازَجُ الفِيزْيَاءُ مَعَ الفَلْسَفَةِ، فَلَا يَعُودُ التِّلِسْكُوبُ أَدَاةً، بَلْ يُصْبِحُ امْتِدَادًا لِعَيْنٍ دَاخِلِيَّةٍ تَرَى مَا لَا يُرَى.
لَمْ يَكُنْ تَكْرِيمُهُ مِنْ وَكَالَةِ الفَضَاءِ الأُورُوبِّيَّةِ مُجَرَّدَ خَبَرٍ يُنْشَرُ، بَلْ لَحْظَةً رَمْزِيَّةً تُذَكِّرُنَا أَنَّ شَرَفَ المَعْرِفَةِ لَا يُمْنَحُ بِالكِبَرِ، بَلْ بِالإِخْلَاصِ فِي النَّظَرِ، وَأَنَّ العِلْمَ حِينَ يَسْكُنُ رُوحًا صَافِيَةً، لَا يَعُودُ مِهْنَةً بَلْ قَدَرًا.
إِنَّنَا لَا نُجْرِي هَذَا الحِوَارَ لِنُشِيدَ بِمَوْهِبَةٍ فَرِيدَةٍ فَحَسْبُ، بَلْ لِنَضَعَ مِرْآةً أَمَامَ كُلِّ قَارِئٍ، تُذَكِّرَهُ بِأَنَّ المَعْرِفَةَ لَيْسَتْ حِكْرًا عَلَى الكِبَارِ، بَلْ حَقٌّ مُقَدَّسٌ لِكُلِّ مَنْ يَحْمِلُ سُؤَالًا صَادِقًا فِي قَلْبِهِ.
فَلْنُصْغِ إِذًا لِهَذَا الصَّوْتِ، الَّذِي لَا يَزَالُ يَتَشَكَّلُ بَيْنَ مَلَامِحِ الطُّفُولَةِ، وَلَكِنَّهُ فِي جَوْهَرِهِ، أَقْدَمُ مِنَ الزَّمَنِ، وَأَقْرَبُ إِلَى نِدَاءِ النُّجُومِ.
س١ :
كَيْفَ بَدَأَتْ عَلَاقَتُكَ بِعِلْمِ الفَلَكِ؟ هَلْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ خِلَالِ لُعْبَةٍ، أَمْ كِتَابٍ، أَمْ مَوْقِفٍ أَثَارَ فُضُولَكَ؟
– “بَدَأَ شَغَفِي بِعِلْمِ الفَلَكِ مِنْ مَكَانٍ عَمِيقٍ فِي الطُّفُولَةِ، حِينَ امْتَدَّ إِلَيَّ نُورُ المَعْرِفَةِ مِنْ وَالِدِي، الَّذِي كَانَ يَرَى فِي الفَضَاءِ مِرْآةً لِعَظَمَةِ الخَلْقِ وَعَظَمَةِ العَقْلِ الإِنسَانِيِّ. كَانَ يُهْدِينِي الكُتُبَ كُلَّ عَامٍ، مِنْ مَعْرِضِ الكِتَابِ، وَكَأَنَّهُ يُهْدِي إِلَيَّ مَفَاتِيحَ أَبْوَابِ السَّمَاءِ. وَحِينَ وَقَعَتْ عَيْنِي لِأَوَّلِ مَرَّةٍ عَلَى القَمَرِ عَبْرَ عَدَسَةِ التِّلِسْكُوبِ، وَرَأَيْتُ حَلَقَاتِ زُحَلَ تَدُورُ فِي صَمْتٍ كَأَنَّهَا تَرَاتِيلُ كَوْنِيَّةٌ، شَعَرْتُ بِأَنَّنِي لَمْ أَعُدْ كَمَا كُنْتُ. ثُمَّ جَاءَتْ حِكَايَاتُ وَالِدِي عَنْ غَالِيلِيُو وَنْيُوتُنْ وَأَيْنْشْتَايْن، لِتَجْعَلَ مِنَ الفَلَكِ لَيْسَ مُجَرَّدَ عِلْمٍ، بَلْ رِحْلَةً فَلْسَفِيَّةً لِفَهْمِ الذَّاتِ وَالكَوْنِ. وَمُنْذُ ذَلِكَ اليَوْمِ، أَصْبَحَ الفَلَكُ لِي أَكْثَرَ مِنْ شَغَفٍ، بَلْ هُوَ طَرِيقٌ أَسِيرُ فِيهِ لِأَكْتَشِفَ حُدُودَ المَجْهُولِ دَاخِلِي وَخَارِجِي.”
س٢:
حَدِّثْنَا عَنْ مَشْرُوعِكَ الصَّارُوخِيِّ أَوْ نَمُوذَجِ تِلِسْكُوبِ “جِيمْس وِيب” الَّذِي قُمْتَ بِتَنْفِيذِهِ. كَيْفَ بَدَأَتِ الفِكْرَةُ؟ وَمَاذَا تَعَلَّمْتَ مِنْهَا؟
– “بَدَأَتِ الفِكْرَةُ مِنْ شَغَفٍ عَمِيقٍ بِالفَضَاءِ، ذَلِكَ العَالَمِ اللَّا مُتَنَاهِي الَّذِي لَا يَزَالُ يَحْمِلُ فِي طَيَّاتِهِ أَسْرَارًا لَمْ تُكْشَفْ بَعْدُ. كُنَّا نُتَابِعُ الأَخْبَارَ العِلْمِيَّةَ بِشَغَفٍ، وَحِينَ عَلِمْنَا بِأَنَّ تِلِسْكُوبَ (جِيمْس وِيب) سَيُطْلَقُ إِلَى الفَضَاءِ، اسْتَوْقَفَتْنِي تِلْكَ اللَّحْظَةُ؛ لَمْ تَكُنْ مُجَرَّدَ خَبَرٍ عَابِرٍ، بَلْ كَانَتْ شَرَارَةً لِفِكْرَةٍ أَرَدْتُ أَنْ أُتَرْجِمَ بِهَا إِعْجَابِي بِهَذَا الإِنْجَازِ العَظِيمِ.
قَرَّرْتُ أَنْ أُنَفِّذَ نَمُوذَجًا يُحَاكِي التِّلِسْكُوبَ الحَقِيقِيَّ، بِدِقَّةٍ وَتَفَاصِيلَ تُشْبِهُ الأَصْلَ إِلَى حَدٍّ كَبِيرٍ. قُمْتُ بِتَصْمِيمِهِ وَصَنْعِهِ، ثُمَّ الْتَقَطْتُ بَعْضَ الصُّوَرِ لَهُ وَنَشَرْتُهَا عَلَى صَفْحَتِي الشَّخْصِيَّةِ، وَكَذَلِكَ عَلَى صَفْحَةِ وَالِدِي. وَمِنْ هُنَا، بَدَأَتِ القِصَّةُ تَأْخُذُ بُعْدًا لَمْ أَكُنْ أَتَوَقَّعُهُ.
فُوجِئْتُ بِتَوَاصُلٍ مِنْ وَكَالَةِ “نَاسَا”، الَّتِي أَبْدَتْ إِعْجَابَهَا بِالعَمَلِ، وَطَلَبَتْ نَشْرَ الصُّوَرِ عَلَى مَوْقِعِهَا الرَّسْمِيِّ. وَبَعْدَ فَتْرَةٍ قَصِيرَةٍ، تَوَاصَلَتْ مَعَنَا وَكَالَةُ الفَضَاءِ الأُورُوبِّيَّةُ، وَأُعْجِبُوا بِالنَّمُوذَجِ إِلَى دَرَجَةٍ أَنَّهُمْ أَطْلَقُوا مُسَابَقَةً عَالَمِيَّةً لِلأَطْفَالِ لِصُنْعِ نَمَاذِجَ مُمَاثِلَةٍ. ثُمَّ كَرَّمُونِي، وَأَرْسَلُوا لِي هَدِيَّةً رَمْزِيَّةً مِنَ الوَكَالَةِ، كَانَتْ تَحْمِلُ بِالنِّسْبَةِ لِي وَزْنًا أَكْبَرَ مِنْ مُجَرَّدِ تَكْرِيمٍ؛ كَانَتْ بِمَثَابَةِ اعْتِرَافٍ بِجُهْدِ طِفْلٍ آمَنَ بِالحُلْمِ، وَسَعَى لِتَحْوِيلِهِ إِلَى وَاقِعٍ.
بَعْدَ ذَلِكَ، شَعَرْتُ بِأَنَّ الحِكَايَةَ لَمْ تَكْتَمِلْ بَعْدُ، فَقَرَّرْتُ أَنْ أَبْنِيَ نَمُوذَجًا آخَرَ، هَذِهِ المَرَّةَ لِلصَّارُوخِ “أَرْيَان ٥”، الَّذِي حَمَلَ التِّلِسْكُوبَ إِلَى مَدَارِهِ فِي الفَضَاءِ.
مَا تَعَلَّمْتُهُ مِنْ هَذِهِ التَّجْرِبَةِ يَتَجَ
س٣:
كَيْفَ اسْتَقْبَلْتَ خَبَرَ تَكْرِيمِكَ مِنْ وَكَالَةِ الفَضَاءِ الأُورُوبِّيَّةِ؟
هَلْ شَعَرْتَ أَنَّكَ حَقَّقْتَ إِنْجَازًا كَبِيرًا أَمِ اعْتَبَرْتَهُ مُجَرَّدَ بَدَايَةٍ لِطَرِيقٍ أَطْوَلَ؟
“كَانَ خَبَرُ تَكْرِيمِي مِنْ قِبَلِ وَكَالَةِ الفَضَاءِ الأُورُوبِّيَّةِ لَحْظَةً لَا تُنْسَى فِي حَيَاتِي، بَلْ يُمْكِنُنِي القَوْلُ إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ أَكْثَرِ اللَّحَظَاتِ إِلْهَامًا وَتَأْثِيرًا فِي وِجْدَانِي. شَعَرْتُ بِفَرْحَةٍ عَارِمَةٍ، لَا لِأَنَّهَا أَوَّلُ مَرَّةٍ يُلْتَفَتُ فِيهَا إِلَى جُهْدِي فَحَسْبُ، بَلْ لِأَنَّهَا جَاءَتْ مِنْ جِهَةٍ عِلْمِيَّةٍ عَالَمِيَّةٍ بِحَجْمِ وَكَالَةِ الفَضَاءِ الأُورُوبِّيَّةِ، وَهُوَ مَا مَنَحَنِي يَقِينًا بِأَنَّ أَحْلَامِي لَيْسَتْ مُسْتَحِيلَةً.
لَكِنَّ، وَبِرَغْمِ هَذِهِ الفَرْحَةِ، لَمْ أَعْتَبِرْ ذَلِكَ التَّكْرِيمَ نِهَايَةَ المَطَافِ، بَلْ عَلَى العَكْسِ، رَأَيْتُهُ بِمَثَابَةِ الخُطْوَةِ الأُولَى فِي طَرِيقٍ طَوِيلٍ وَشَاقٍ، يَتَطَلَّبُ المَزِيدَ مِنَ التَّعَلُّمِ، وَالمُثَابَرَةِ، وَالاِكْتِشَافِ. كَانَ كَمَنْ يَضَعُ عَلَى عَاتِقِي رِسَالَةً، أَوْ رُبَّمَا عَهْدًا، بِأَنْ أُوَاصِلَ مَا بَدَأْتُ، لَا مِنْ أَجْلِ الجَوَائِزِ، بَلْ لأَنَّ لِلْعِلْمِ نُورًا يَسْتَحِقُّ أَنْ يُتَّبَعَ، وَلِأَنَّ لِلْفَضَاءِ سِحْرًا لَا يُدْرَكُ إِلَّا حِينَ نَتَطَلَّعُ إِلَيْهِ بِعُيُونِ الحَالِمِينَ وَقُلُوبِ البَاحِثِينَ.
لَقَدْ عَلَّمَنِي هَذَا التَّكْرِيمُ أَنَّ النَّجَاحَ الحَقِيقِيَّ لَا يُقَاسُ فَقَطْ بِمَا نَنَالُهُ مِنْ تَقْدِيرٍ، بَلْ بِمَا نُقَدِّمُهُ لِلْعَالَمِ مِنْ أَفْكَارٍ نَابِعَةٍ مِنْ شَغَفٍ صَادِقٍ، وَبِمَا نَتْرُكُهُ مِنْ أَثَرٍ فِي نُفُوسِ مَن يَسِيرُونَ عَلَى الدَّرْبِ مِنْ بَعْدِنَا.”
س٤:
هَلْ تَحْلُمُ بِالدِّرَاسَةِ فِي وَكَالَةِ نَاسَا؟ أَمْ أَنَّكَ تَطْمَحُ لِتَأْسِيسِ مَشْرُوعٍ فَضَائِيٍّ مِصْرِيٍّ خَاصٍّ بِكَ؟
-“نَعَمْ، أَحْلُمُ أَنْ أَدْرُسَ فِي وَكَالَةِ (نَاسَا)، وَأَنْ أُصْبِحَ يَوْمًا مَا رَائِدَ فَضَاءِ يُسَافِرُ فِي رِحْلَاتٍ اسْتِكْشَافِيَّةٍ نَحْوَ أَعْمَاقِ الكَوْنِ. لَكِنَّ هَذَا الحُلْمَ لَا يَتَوَقَّفُ عِنْدَ حُدُودِ الذَّاتِ، بَلْ يَتَجَاوَزُهَا إِلَى مَا هُوَ أَبْعَدُ؛ فَأَنَا لَا أَسْعَى فَقَطْ لِتَحْقِيقِ إِنْجَازٍ شَخْصِيٍّ، بَلْ أَطْمَحُ أَنْ يَكُونَ لِوُجُودِي أَثَرٌ نَافِعٌ يَمْتَدُّ إِلَى البَشَرِيَّةِ جَمِيعًا.
أُرِيدُ أَنْ أُقَدِّمَ شَيْئًا حَقِيقِيًّا، شَيْئًا يَبْقَى، كَأَسْمَاءِ العُلَمَاءِ الَّذِينَ نَذْكُرُهُمْ اليَوْمَ بِإِجْلَالٍ لِأَنَّهُمْ أَضَاءُوا طَرِيقَنَا بِالمَعْرِفَةِ. سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ مِنْ خِلَالِ وَكَالَةٍ دُوَلِيَّةٍ كَنَاسَا، أَوْ مِنْ خِلَالِ مَشْرُوعٍ فَضَائِيٍّ مِصْرِيٍّ خَاصٍّ يَحْمِلُ بَصْمَةً وَطَنِيَّةً، فَإِنَّ هَدَفِي النِّهَائِيَّ وَاحِدٌ: أَنْ أَتْرُكَ أَثَرًا، وَأَنْ أُسْهِمَ فِي دَفْعِ حُدُودِ المَعْرِفَةِ إِلَى مَا وَرَاءَ مَا نَعْرِفُهُ الآنَ.
أُؤْمِنُ أَنَّ أَحْلَامَ الأَطْفَالِ، مَهْمَا بَدَتْ بَعِيدَةً، يُمْكِنُ أَنْ تَتَحَقَّقَ إِذَا غَذَّيْنَاهَا بِالإِرَادَةِ، وَسَقَيْنَاهَا بِالعِلْمِ، وَوَجَّهْنَاهَا نَحْوَ الخَيْرِ العَامِّ. لَعَلَّ هَذَا الحُلْمَ، فِي يَوْمٍ مِنَ الأَيَّامِ، يُصْبِحُ نَافِذَةً جَدِيدَةً تُفْتَحُ عَلَى السَّمَاءِ مِنْ أَرْضٍ عَرَبِيَّةٍ.”
س٥:
بَعْدَ عَشْرِ سَنَوَاتٍ مِنَ الآنَ، أَيْنَ تَرَى نَفْسَكَ؟
هَلْ مَازِلْتَ طِفْلًا يَحْلُمُ، أَمْ رَائِدَ فَضَاءِ يَحْلِقُ، أَمْ مُعَلِّمًا يَزْرَعُ حُبَّ العِلْمِ فِي قُلُوبِ الآخَرِينَ؟
-“لَا أَعْلَمُ بَعْدُ مَنْ سَأَكُونُ بَعْدَ عَشْرِ سَنَوَاتٍ، فَقَدْ أَكُونُ عَالِمًا، أَوْ رَائِدَ فَضَاءٍ، أَوْ حَتَّى شَيْئًا آخَرَ لَمْ أَتَخَيَّلْهُ بَعْدُ… لَكِنَّ مَا أَعْلَمُهُ جَيِّدًا، وَمَا أُؤْمِنُ بِهِ إِيمَانًا رَاسِخًا، هُوَ أَنَّ وُجُودِي لَا يَكْتَمِلُ إِلَّا إِذَا تَرَكْتُ أَثَرًا نَافِعًا فِي حَيَاةِ الآخَرِينَ. هَذَا هُوَ هَدَفِي الأَسْمَى: أَنْ أَكُونَ سَبَبًا فِي نَفْعِ النَّاسِ، وَلَوْ بِكَلِمَةٍ، أَوْ بِفِكْرَةٍ، أَوْ بِحُلْمٍ يَجْعَلُ أَحَدَهُمْ يَرَى الحَيَاةَ بِشَكْلٍ أَجْمَلَ.”
س٦:
مَا هِيَ الرِّسَالَةُ الَّتِي تَرْغَبُ فِي تَوْجِيهِهَا إِلَى جَمِيعِ الأَطْفَالِ فِي مِصْرَ وَالعَالَمِ ؟
-“رِسَالَتِي إِلَى كُلِّ أَطْفَالِ مِصْرَ وَالعَالَمِ: لَسْتُمْ مُضْطَرِّينَ أَنْ تَطِيرُوا إِلَى الفَضَاءِ كَيْ تَكُونُوا عُظَمَاءً، فَالْعَظَمَةُ تَبْدَأُ مِنْ هُنَا… مِنْ أَعْمَاقِ القَلْبِ، وَمِنْ فُضُولِ العَقْلِ. تَعَلَّمُوا كُلَّ يَوْمٍ شَيْئًا جَدِيدًا، وَلَوْ بَسِيطًا، وَازْرَعُوا فِي كُلِّ مَكَانٍ تَمُرُّونَ بِهِ أَثَرًا نَافِعًا. فَخِدْمَةُ المُجْتَمَعِ لَا تَكُونُ بِالحَجْمِ أَوِ الشُّهْرَةِ، بَلْ بِالنِّيَّةِ الخَالِصَةِ وَالرَّغْبَةِ الصَّادِقَةِ فِي أَنْ نَتْرُكَ هَذَا العَالَمَ أَفْضَلَ مِمَّا وَجَدْنَاهُ.” …







































