قراءات تحليلية في نصّ أندروفين للكاتبة دعاء محمود
التَّحليل الأول :
نصّكِ يا دكتورة دعاء ليس مجرد حروف، بل حالة شعورية متكاملة تنبض بالوجع والبحث عن شفاءٍ داخلي.
تحوّلتِ بـبراعة الأديبة من وصفٍ رومانسيٍّ عذب إلى حالة انسحابٍ نفسيّ بعمق فلسفي.
جعلتِ من “الأندروفين” استعارةً لإنسانٍ أحببناه حدَّ الإدمان.
أبدعتِ في تصوير الألم النفسي كمرضٍ عضويٍّ حقيقي، وكأنكِ تخاطبين الذات البشرية بأكملها.
كل سطرٍ في نصّكِ دعوةٌ للتأمل، ولإعادة تعريف مصادر السعادة والنجاة.
محمد جمال ريحاوي
التّحليل الثّاني:
إعذريني أستاذة هذه ليست كتابة، ولا طريقة تعبير وهذا ليس نصًا أدبيًا ولا نثرًا عاديًّا.
كيف استطعت ذلك وأنت الضليعة بالأدب؟! كيف؟! ومن أين تجرأت لتكتبين هذا وترمي به في وجهي ……؟!
هذا ليس نصًا عاديًّا لم تكتب، بل تقمصتِ، دخلت بجسم من أدمن الأندروفين.
تسللت بجسم هزيل نهشه المرض، وانتهك حرمة راحته، وكان هو الملاذ الوحيد ….
رصدت يومًا كاملًا من بدايته إلى أخد الجرعة والاستسلام لنشوتها المؤقتة، ولكن
نقلت ببراعة كلّ التّفاصيل الدّقيقة وهذا ما جعل تَلَبُسَكِ مبهرًا، مقنِعًا، ومحزنا؛ حيث رصد الوجع، الحاجة، الضعف، اليأس، والاستسلام لراحة مزيفة كاذبة، ومؤقتة.
تحياتي فقد عجز قلمي عن الكلام أكثر
أبدعت .
سليمة مالكي
( النَّص )
أندروفين
تسرَّبَ إليَّ، أشعرني بالسَّعادةِ، محى كلَّ ألمٍ، أزالَ الكآبةَ والغمَّ، رمَّمَ جروحي، استوطنَ خلايا عقلي؛ حتّى سيطرَ عليها، أصبح لا غنى عنه الآن؛ قد تمكَّنَ وحكمَ.
أفكّرُ فيه بدايةِ يومي، أنامُ على صوتِ همساتِه، لهيبِ أنفاسِه، وكلماتِه الَّتي تتغلغل في عقلي، وتسري في دمائي.
غدا محورَ حياتي ولحظاتي، لا أسعدُ إلّا به.
كلُّ نبضةٍ فيَّ تخفقُ له؛ وتأنسُ به.
اعتلى عرشِ العقل، وتمكَّنَ من القلبِ، سيطرَ على مجرياتِ الحياةِ.
استيقظت ذاتَ يومٍ، رحيلٌ مفاجئٌ دونَ سبَبٍ؛
الأعراضُ الإدمانيةُ بدأت بالظُّهورِ عليَّ:
السُّؤالُ، البحثُ، الرَّسائلُ الَّتي لا تُجاب، المهاتفاتُ الصَّامتةُ، البعثرةُ، الثَّورةُ، الهذيانُ، القلقُ، البكاءُ…
كأنّني أشلاءٌ من عوارضَ نفسيَّةٍ، تتجوّلُ هنا وهناك.
سؤالٌ: لماذا غيابُه يملأُ عقلي، ويحرقُ قلبي؟!
سعيٌّ مستمرٌّ ، محاولةُ إصلاحِ ما تصدّع بيننا، هرولةٌ، صراخٌ، نحيبٌ، شعرٌ مبعثرٌ لا تُلملمه الضَّفائرُ، شفاهٌ متلهِّفَةٌ بأنفاسٍ لاهثةٍ؛ حالةُ البحثِ عن الأندروفينِ في أوجها، أينَ هذا الدَّواءُ؟!
أعراضُ انسحابٍ من الجسدِ والعقلِ تسلبُ كلَّ طاقة في عودةِ الحياة؛ نومٌ متواصلٌ ، فقدانُ الشّهيّةِ للطّعام، وتتوالى الأيامُ والشُّهورُ.
حالةٌ من الوهنِ الجسديّ والعقليّ يستمرّان طويلًا.
في صحوةٍ ضعيفةٍ من عقلها استندت إلى الجدارِ؛ اغتسلت، ثمَّ صلَّت، لملمت شعرها، أخذت قطعةَ الشّوكولاتةِ المفضّلةِ لديها، أشعلت التِّلفازَ على فيلمها المفضَّلِ؛ والأندروفين يسري في أوصالها……. لتعودَ للحياةِ ببطءٍ شديدٍ.
الكاتبة الصَّحفية/ د. دعاء محمود
مصر
دعاءقلب






































