ل:”نخيل عراقي” والنّخيل يرمز للشّموخ والسّموّ والعطاء
شكرًا لتوثيق حروفي
وأخصّ بالشّكر الشّاعر :حسين السياب المبدع الصّديق مَن تسمو حروفه جمالًا بمعناها ومبناها
أحببتُ مشاركتكم هذه القصّة من واقع الحياة صديقاتي أصدقائي قرّائي الغاليين !…
حسناء سليمان
شاعرة وقاصة | لبنانية
حمل يوسف بندقيّته، يلمع خشبها كما يبرق جلد الحيّة في لهب الظّهيرة. متمايلاً كقضيب الخيزران، لا تشعر الأرضُ بوطءِ قدميه. أثيريُّ التّفكير، كأنّ الله كوّنه مثالاً فريداً.. ملاكاً بين البشر!.. يترفّعُ كِبراً، ويشمخُ عزّةً، ويذوب طيبةً، ويتميّز شجاعةً.
راح الى الكرم، وقد جُنّ جنونُ الكرم هذا العام. الطّرود الطّريّة تعانق السّمَاء، والعناقيد النّاضجة تُنادي العين قبل أن تمتدّ إليها الأنامل، وعصافير التّين تُرندح أنشودة الصّباح، وهي تنقر “الطّوابع” الصّفراء النّاضجة،
وكانّ عمرها القصير ينتهي بنغم الفرح..
جلس يوسف في مكانه المعهود عند زاوية الصّخرة العتيّة، استعداداً لممارسة هوايةٍ انتزعته من سريره الدّافئ المنعش، وإذا به يسمع خشخشةً بين الدّوالي، رفع عينيه “يُنوضِر” بين الأغصان؛
سكتتِ العصافيرُ، وهرب بعضُها بلمح البصرِ من التّينة العملاقة. في تلك اللّحظة سكنتِ الخربشة، وسُمِعت طقطقةُ قطعِ العناقيد الآمنة، وإذا بيوسف يرى أمّ نزيه الّتي شيّبت شعر حنّا النّاطور وما تغيّرت!.. تتدلّى سلّةٌ كبيرة فارغة من يسارها، وتشدّ العناقيد لتقطعها برشاقةٍ ومهارةٍ وارتياح.. أحسّ الصّيّاد بدهشةٍ شديدة ممزوجة بالشّفقة، وسمع صوتاً انبعث من ذاكرته:
الكَرْمُ أكرمُ من صاحبه يا بنيّ!.. النّفْس الجائعة لا تشبع لأنّ الغنيّ لا يفتقر، والفقيرُ لا يغتني.
إن قسى الدّهر عليه أو من خيراتٍ أمطره، وقبع يوسف في زاويته وقتاً طويلا، خانقاً أنفاسه حتى امتلأت السّلّة عنباً، وطفحتِ العناقيد تُلامس ذِراع أمّ نزيه المخدّشة من الأغصان، عائدةً الى بيتها القريب،
المليء بالمؤونة والفارغِ من الأخلاق!
( قصّة حقيقيّة من طفولتي، ويوسف أبي، ترك المرأة تملأ سلّتها.. ربما لو رأته أحسّت بالخجل! )







































Discussion about this post