الواقع المعاصر وما يفرزه من صراعات اجتماعية وتداعيات واضحة تنعكس سلبا على حياة المجتمع ونواته الاولى الاسرة .. تلك الصراعات التي تكاد تكون مفصلية في اسس البناء المجتمعي ..
طرفا الصراع دائما المرأة والرجل .. وكلا الطرفين له نصيب وافر من الازمة … قبل خوض تجربة الزواج التي تسبقها علاقة عاطفية تتسم بالايجابية والتفهم التام لمتطلبات كل طرف .. الرجل له احلامه وطموحاته ، سواء اكانت مهنية او اكاديمية والمرأة لها طموحاتها واحلامها العلمية والوظيفية وغيرها .. وكل بنود التوافق واضحة جلية للطرفين وبمنتهى الصراحة والوضوح والعديد من الوعود والعهود الوردية .. اذ ان كل فرد يمتلك طاقات وقدرات وارادات قادرة على تحطيم الصعاب والغاء المستحيل وكل طرف سيكون السند المتين للآخر ..
ثم لا يلبث الطرف الاكثر قوة وتأثيرا على الاخر ان يحاول الغاء ومحو تلك الوعود والتخلي عنها وقتل طموحات وشغف الاخر ، فقد تتغير رؤى المرأة ( الزوجة ) ويكون اول اولوياتها الاسرة وتربية الاطفال وادارة شؤون البيت وما يجعلها تهمل اسناد زوجها ومشاركته خطوات تحقيق طموحاته واحلامه وما يترك من اثر سلبي ينعكس وطبيعة العلاقة الزوجية المأمولة قبل الزواج ..
من الجانب الاخر نجد الكثير من النساء اللواتي يعانين من مشاعر الاحباط والانكسار حين يصطدمن بمعايير العلاقات الزوجية والاجتماعية وتذهب احلامهن الوردية سدى بعد وعود وردية تسبق علاقة الارتباط فنرى تأثير الزوج عليها بنسيان احلامها وطموحاتها والتفرغ لخدمته والاهتمام بشؤون البيت وتربية الاولاد فهو مكانها الطبيعي .. حتى ليكاد يقتل كل شيء جميل فيها ويخنق كل افكارها وطموحاتها ، ويحاول تغييرها وفق ما يلائم عقليته حتى في تغيير شكلها الخارجي بعدما كان مفتتنا بكل تفاصيلها الروحية والعقلية والشكلية … ولسان الحال يقول ( كلام الليل يمحوه النهار ) …
في كلا الحالتين ، هو عملية قتل واغتيال للاحلام والطموحات ، تأتي وفق سلسلة متتالية من المبررات الواهية وحججٍ غير منطقية لا تعبر الا عن فرض ارادات بقوة .. هذه القوة مؤداها الغاء هوية الآخر الشخصية تبعا وتماشيا مع الالتصاق بالهوية الزوجية وفق معايير المجتمع والعقلية السلطوية .. وكأن فلسفة الغاية والوسيلة تفرض سطوتها لتبرر احداهما على حساب الاخرى مع ما يتناغم وعقلية الطرف الاقوى ..
هنا يكون المنعطف الخطير الذي يتسم بخلق الازمة والصراع بين الطرفين والتي يكون الخاسر الاكبر فيها المرأة والطفل ..
اذ يجب على المرء الا يخلط بين الطموح والجموح وان يضع الحد الفاصل بينهما ويخلق حالة التوازن بين ما يمكن تحقيقه وبين ما يستطيع انجازه على اكمل وجه بين حياته المهنية او العلمية وبين حياته الاجتماعية ..
يقول فيل نايت ( الرئيس التنفيذي لشركة نايك ) :
” لن تخلو حياتك من الصراع المستمر ، بين مهامك اليومية وحياتك المهنية ، ينشأ بينهم دائما عالما من الفوضى والسلام .. وعلى كل الاحوال لن تكون متفوقا بكل امور الحياة ، ولكن وازن دائما بين ما تريده وما تدفعك له الحياة ، مدى تأثرك ، وطريقة تعاملك ، هي مفتاح النجاح دائما “
تحقيق الطموحات والوقوف جنب المرأة والوفاء بالوعود لا يستلزم القوة ولا المال ولا كلمات منمقة لا تسمن ولا تغني من جوع ، وكل ما تستلزمه المزيد من العقل الواعي المتفتح على جوانب الحياة ومتغيراتها ..
لا تطلق الوعود ما لم تكن قادرا على الوفاء بها اذ سرعان ما تتحول الى اكاذيب لا تنتج الا ازمات وصراعات تكون سببا فيها لتصدع اساسك الرخو الذي اقمته على الرمال وفي اروقة المحاكم الشخصية لفض قيود الارتباط وتفكيك بناء اسري واجتماعي ورباط مقدس …
وعلى المرأة ايضا الا تدرج طموحات زوجها في اخر سلم اولوياتها .. وفي الوقت ذاته الا تنسى الاهتمام بنفسها وتطوير قدراتها وابراز طاقاتها العلمية ، وخلق حالة التوازن يقع ضمن مسؤولية الطرفين لا على المرأة فحسب ، فالحياة المشتركة تقتضي الشراكة في الحقوق والواجبات وتحمل المسؤوليات حتى في اصغر دقائقها وتفاصيلها اليومية …
وكل ما يتطلبه الامر المزيد والمزيد من الوعي والعقل الناضج والمنطق السليم .
Discussion about this post