بقلم … أمال القاسم
…………………………………..
يابنَ الرّوحِِ في الرّوح،
كنتُ على شَفيرِ شموسِك أمزّقُ منافيك .. وأكتوي بالتماعَةِ عينيك المشبوبتين بكيمياءِ الاِحتراق .. أطهو ورقي وأرُشُّ الدَّقائِقَ الْمَمْلوحَةَ فوقَ انتظارٍ يلهجُ بقداستِكَ .. وعلى مسافةٍ منك، كنتُ أتلاشى فيكَ.. أرصُدُ بحارَكَ الهائجةَ المائجةَ الّتي استباحَتْ قِطعاني، وذوّبتْ وُرودي، وصبّتْ شطآنكَ في كأسي ؛ حتّى بتُّ قربانًا لأناكَ؛ تصلِبُ سيزيفَي على صخرِك .. تأوي إلى قلبي فتقدحُ أصلابَك في طراوتي، وتحرُثُ في شبقيّةِ دمي، ثم تغرسُ أحلامَ الماءِ في أوردتي .. وغدوتَ تطّوّفُ في مدُني نبيًّا مُمعِنًا في جماري .. فيكَ من سحرِ المعجزاتِ ما ينفُخُ مزاميرَكَ وصفيرَكَ في الصّهيل، وما يدُكُّ مداميكَها الجَموح .. وفيكَ من الإعجازِ والبيانِ ما يتعثّرُ بطُغيانِكَ ..
وبعدَ أنْ أتيتَ من كلِّ حدبٍ، وبعدَ أنْ أودَعَتْني عيناكَ فِطنتَها، وقد ملَّني التِّطوافُ في رحابِ أبجدِيَّتِكَ، وخَصْبِ مواردِكَ .. وبعدَ أنْ حمّلتَ صخوري الصَّمَّاءَ ما لا تُطيقُ من عُشبِِكَ، ولَويْتَ عُنُقَ قلمي أمامَ الْعقيقِ من أحجارِكَ؛ راحَ صوتُكُ المقيمُ في تفّاحي اليانعِ يجري في عينيَّ أنهُرًا .. وقلبي يثملُ على احتراقِ عرائشِكَ فوق أهدابي .. وشوقي الغجريُّ كطير يتماوجُ على كتفيّ، ينقرُ بهجةَ روحِك نبضًا ومعنىً ..
احْتَلَلْتَني وشرِبْتَ نخْبَ أنوثتي الرَّقيقَ .. مليءٌ أنتَ بالوجود.. ممتلئٌ أنتَ بالثّناءِ والبراءةِ والاِشتهاءِ.. أنتظرُكَ ، فأنتظرُ الرّوحَ التّي فارقتْ جَسدي وحامتْ في الآفاق ، أبحثُ عنْكَ في قصائدي، كلّما انهالتْ هالاتُ دَهشتي فيما تستنطقُ من لغةٍ ومعانٍ ومجاز حتى ألبستَها تآويلي من إيحاءٍ وإلهامٍ بينَ رشدٍ وجنونٍ .. فأهرعُ من فوري كي أدخرَك مكتنزًا بالدّرر .. كأسطورةٍ مستعارةٍ تهَبُني الليلَ والأقمارَ .. كوعاءٍ جاهزٍ للنّورِ يكبرُ _ على مهَلٍ _ بين فراغاتي المظلمَةِ .. وطفقتُ أقنعُ الصباحَ لأنْ يرسلَ الشمسَ _ التي لا تبرحُ مكانَها – إلى كلِّ العناوين ..لتحتفلَ معي مطْلَعَ هذا الشّهرِ بميلادِكَ الذي ولَدَني آيةً من الأقداسِ والأنفاسِ في كفِّ سماء..
اللوحة للأمريكي الشهير دانيال جيرهارتز
Discussion about this post