بقلم … سلمى صوفاناتي
في السّادس من أكتوبر، تتعطّرُ الأرواحُ بنسائمِ النّصر، ويتردّدُ في أعماقِ الذّاكرة صدى التّكبير الّذي انطلقَ من حنايا النّيلِ حتّى أعتابِ الشّام، مُزهقًا كيدَ المعتدين.
لم يكن ذلك اليومُ مجرّدَ صفحةٍ في سفرِ الحروب، بل كان بِشارةَ ميلادٍ لأمّةٍ هزّت عنها غبارَ الهزيمة، ونهضت من عتمةِ الجراح، فكانت يدًا واحدة وقلبًا واحدا.
من القاهرةِ انبعثَت الإرادةُ الحديديّة، ومن دمشقَ انطلقتِ الصّيحةُ المدويّة، فاهتزّت أركانُ المعاقل، وارتعشَ الطّغاةُ أمام صمودٍ كالجبال.
على ضفافِ القناةِ التحمت دماءُ الأبطال، فسقَتْ ترابَ سيناء ورمالَ البوادي من نبعِ الإيمان، فأنبتت شجرَ المجد.
بين النّيلِ والبردى نُسِجَ حبلُ العروبةِ من نور، حبّكته أيادٍ مضرّجةٌ بالطّهر، فما عادتِ البنادقُ وحدها تُقاتل، بل صار سلاحُنا قلوبًا موحّدةً أشدّ من صلابَةِ الصّوان.
في ذكرى أكتوبر، لا نرثي لانتصارٍ غابر، بل نحيي في النفوس عهدَ الأخوّةِ المتينة، لتبقى شعلةً في دربِ الأمّة، تُذكّرنا أنّ النّصرَ لا يُمنح، بل يُنتزعُ بإرادةٍ لا تلين، ووحدةٍ لا تتزعزع، وتضحيةٍ لا تُقاس.
تحيّةً لأولئك الرّجال الّذين اجتازوا الحواجزَ في القلوبِ قبل الحواجزِ المائيّة، وسلامًا على ثرى الأمّة الّذي يرفضُ إلّا العزّة، وعلى رايةِ العروبةِ الّتي لا تنحني إلّا لربّ العباد.
مِن دمشق ..
هُنا القاهرة.
بقلم … سلمى صوفاناتي






































