لغة السّلام
كيف لامرأةٍ
تحملُ جبالَ الحديد في راحتيها،
وتقفُ في وجهِ الرّيحِ كأنها جدارُ الأبد،
ثمّ يأتي عابرٌ هشٌّ
فيهدمُ قلاعها بنظرةٍ واحدة،
ويذيبُ كبرياءها كما يذوبُ الثّلجُ
على لهبِ شمعة
أيُّها الإنسان،
كيف استطعتَ أن تُشيِّدَ ناطحاتٍ من حديد،
وتغلبَ عواصفَ البحار،
وتسخِّرَ الفضاءَ لنزواتك،
ثمّ عجزتَ أن تُطفئَ جرحًا صغيرًا
في قلبِ أخيك؟
كيف ملأتَ الأرضَ صخبًا بالأسلحة،
وأفقرتَها من ضحكةِ طفل؟
كيف تُجيدُ صناعةَ الموت،
ولا تتقنُ لغةَ السّلام؟
أترسمُ على الورقِ حماماتٍ بيضاء،
وفي الميادينِ تُطلقُ غربانَ الدّم؟
أتُغنّي للحريةِ،
ثمّ تُكبِّلُ الأوطانَ بقيودٍ من وهم؟
يا سفيرةَ الرّوح،
يا عينًا خلف العدسة،
ترصدينَ الحقيقةَ
كما يرصُدُ نجمٌ وحيدٌ
سماءً مثقوبةً بالقذائف،
أخبِريني:
كم يلزمنا من دمعةٍ
لنُطفئَ بركانَ الحرب؟
كم يلزمنا من شهيدٍ
لنكتبَ على جبينِ الأرض: كفى؟
خذوا من نبضِنا ما تبقّى،
من أملنا المُنهك ما يَسعفُكم،
وارفعوا رايةً واحدةً
بلونِ قلبٍ لا ينزف،
لا بلونِ علمٍ يتنازعُهُ القتلة.
إنّ السّلامَ ليسَ هُدنةً
بين جولةِ رصاصٍ وأخرى،
بل هو شجرةٌ
لا تنمو إلا إذا سقيناها
بعدلٍ ورحمة.
فيا كلَّ عابري الخراب،
لا تجعلوا أطفالكم يتعلّمونَ
أسماءَ البنادقِ قبل أسماءِ الطّيور،
ولا تجعلوا النّساءَ
يحملنَ الكفنَ بدلَ الزّهور.
ازرعوا في هذه الأرضِ
قصيدةً لا تنتهي،
فربما يستيقظُ الغدُ يومًا
ويبتسمُ لنا،
كما تبتسمُ ريشةٌ
حين ترسمُ صورةً
لوجهٍ جديدٍ للعالم،
شعاعَ سلام،
يشبهُ جناحَ حمامةٍ
هربتْ من بين أنيابِ الحرب.
سابرينا عشوش






































