” لا أُحبُّ أحدًا ”
نورالدين طاهري
لا أُحبّ أحدًا…
لأن العالم يقرأ «الجمهورية» لأفلاطون،
ثم يصنع طغاةً بأسماء مقدّسة!
نُعلّم أبناءنا الإلياذة،
ونرسلهم يعزفون تحت رايات الصهاينة!
نتغنّى بـ«حقوق الإنسان»،
ونخطّ بمداد الصمتِ مجازرنا الجديدة!
أيّ حبٍّ في عالمٍ
صار فيه الشعر مؤامرةً،
والفكرُ خيانةً للأوطان؟
أيّ عناقٍ يُنقذنا
من جدرانٍ استبدلت الأرواحَ
بكاميرات التجسس؟
كيف نحبّ،
ونوقّع يوميًّا صكوك البراءة
لمجرمي الإنسانية؟!
لا أحبّ أحدًا،
تخنقنا نظريات السوق،
وتغني الجامعات للنيوليبرالية،
أما الصغار في شوارع مانيلا،
فيتقافزون على أكوام النفايات
باحثين عن وجبة!
لا أحبّ أحدًا…
سقط القمر في غزة،
ولم ينتبه إليه شاعر في باريس!
بكى نهر النيجر،
ولم يسمعه أحد من شرفات الأمم المتحدة.
اختُطف الحرف في صنعاء،
وصَفق العالم لبيانٍ ختاميٍّ بلا معنى.
يا دهشة الأسماء…
هل بقي للإنسان وجه؟
أم أن الأقنعة غلّفت الوجدان؟
أين سقراط؟
أين الحلاج؟
أين ماركيز الذي قال:
«الحقيقة لا تحتاج إلى الدفاع»؟
لا أحبّ أحدًا…
لأنني أحبّ الأطفال
الذين لا يعرفون الكراهية،
وأحبّ النساء
اللواتي يغزلن الخبز رغم الحصار،
والشيوخ الذين ماتت حكاياتهم
قبل أن تُكتب.
والكتب القديمة…
التي تعتذر حين لا تُجيد الشرح،
وخرائط العالم
عندما كانت تُرسم بالحبّ.
أحبّ…
لكنني لا أحبّ أحدًا
يُبرّر الظلم بلغة الأنبياء،
ولا أحبّ من يصبغ القتل بلون الحداثة،
ولا من يقتل الفكرة
ثم يكتب قصيدةً عن الحرية!
يا إنسانيتي…
كيف ضاعت منكِ الحقيقة؟
أين ذهب ضمير ديكارت؟
أين حلم غاندي؟
أين صيحة نيرودا:
«يمكنك أن تقطع كل الزهور،
لكنك لن تمنع الربيع»؟
لا أحبّ أحدًا…
لكنني أؤمن أن كل زاوية جرح،
والجرح ضوء،
والضوء قادم،
يحمل قلبًا يشبه قلبي…
يبكي، لكنه لا يُسلم!






































