خَمسُونَ عَامًـا وَأكثَر
1
أغلَقَ النَّهارُ نَوَافِذَهُ
طَائِـرٌ كالسَّهـمِ غَـلَّ في الشَّجَرَهْ
عٰادَةً _
حِينَ يَأخُذُ النَّهَارُ قِسطًا مِنَ الرَّاحَةِ
يَقضِي اللَّيلُ وَقتَـهُ صُحبَتِي
وَالضَّوءُ في صَمتِـهِ
يَسهَـرُ على طَاوِلَتِـي
تَعُوفَنِي الأفكارُ
تَسقُطُ فَجأةً _
على صَفحَتِي البَيضَاءَ
تَحمِلُ امرَأةً على سَريرِ مَعانِيهَـا
2
خَمسُونَ عَامًـا وَأكثَر
لم يَتعَب جَنَاحَيَّ مِنَ التَّحليقِ
وَلا كَلَّ الحَرفُ مِنَ الإنحِدَارِ
وَلا زَالَتِ الأشعَـارُ تَطرقُ بَابِـي
فَمَـا جَفَّ القَلَـمُ
وَلا كَفَّ الحِبرُ عَنِ السَّيَــلانِ
صَوتُكِ هُنَـا _
مَـا يَزَالُ قَابِعًـا في فَضَائِي
يَعبُرُ لَيلِي وَنَهَارِي
طَرِيَّ العُودِ
لا شَيءَ يُؤلِمُنِي سِوَى سُطُورٍ
في قَصِيدَهْ
تُعَذِّبُنِي الكَلِمَـاتُ
تَرقُصُ على شَفَتَيَّ
حِينَ الوِلادَهْ
3
خَمسُونَ عَامًـا وَأكثَر
غِيَابُـكِ سَمِيري وَنَدِيمِي
وَلا تَزَالينَ امرَأةً فُضلَى
إلى مَائِدَةِ شَهَوَاتِـي
وَفي حُضنِ القَصِيدَهْ
أتَسَلَّقُ جِبَالَ حُبِّـكِ
مَـا أهمَلتُ يَومًـا مَرَايَاكِ
ثَمَّـةَ ضَوءٌ عَاجِيٌّ يُحَرِّكُ نَشَوَاتِـي
وَمَـا إنْ أُحِسَّ شَقَاءً يَلُوحُ
حَتَّى يَمحُوهُ صَوتُـكِ الأغَغَنُّ
كَأن جَرَسُ الكَنِيسَةِ
صُبحًـا _
يَدعُوهُ إلى الصَّلاةِ
4
خَمسُونَ عَامًـا وَأكثَر
مَـا زِلتُ في صَمتِ الإنتِظَارِ
أُصَلِّي في هَيكَلِ الحُبِّ
أقُولُ _
أُحِبُّكِ وَأرغَبُ
كَفَرَاشٍ حَولَ الضَّوءِ
أُحِبُّكِ
فَتَزهَرُّ مَصَابِيحُ الكَلِمَـاتِ
يُضَوِّئُ الحَرفُ فَضَائِي
وَلا زَالَ صَوتُـكِ يَتَنَـاهَـى إلَـيَّ
أُصغِي إليـهِ
يَمتَلِئُ الفَرَاغُ
لَكِـنَّ الغِيَـابَ قَصِيدَةٌ سَودَاءُ
5
خَمسُونَ عَامًـا وَأكثَر
أُحَارِبُ هَذَا الغِيَـابَ
يَبتَعِدُ .. يَقتَرِبُ
وَلا تَزَالينَ نَجمَةً ضَوَّاءَةً
في أُفُولِ وَظُهُورٍ
فَمَـا نَجَحَت مُحَاوَلاتِي
وَلا النِّسيَـانُ غَسَّلَ حَنِينِي
تَغِيبِينَ
فَلا أحَدٌ سِوَاكِ
تَجِيئِينَ
أمتَهِنُ دَهَـاءَ سَارِقٍ كَي أرَاكِ
فَلا انقَطَعَ الحَبلُ
وَلا جَفَّت بِئرُ رَغَبَـاتِي
6
خَمسُونَ عَامًـا وَأكثَر
أتَّكِـئُ على عَتَبَـاتِ حُبِّنَـا
وَحدَهَـا عَتَبَـاتُ الفَرَاغِ
رُبَّمَـا _
أشعَلَتَ أحرَاجِي وَغَابَـاتِي
كَثِيرًا مَـا كُنتُ أنَـا
كَثِيرًا كُنتِ أنتِ
لَكِنِّي مَـا زِلتُ أرَاكِ
في الصَّفحَـةِ الأُولَى
لا كَمَـا يَرَاكِ
مَن على الدَّربِ رَآكِ
وَعَبَـرْ
أرَاكِ في وُجُوهِ الصُّوَرْ
في حُضنِ القَمَرْ
وَأرَاكِ في مِرآتِــي
وَفي مَرَايَــا تَهوَى الرُّكُـونَ إلَيـكِ
أرَاكِ دَائِمًـا في المِرآةِ
وَخَارِجَ المِرآةِ
7
خَمسُونَ عَامًـا وَأكثَر
أعرِفُ كَيفَ بَدَأنَـا
وأَذكُـرُ
وَأجهَـلُ الآتـي
وَأعرِفُ أنَّـكِ سَفِينَـةٌ تَعبُرُ
مَوجَ بَحرِنَـا العَـاتِي
حًارِسًـا كُنتُ لَـكِ
كُنتِ دَائِمًـا _
على صَفحَتِي الخَضرَاءْ
مَـا بَينَ مَـاءٍ وَفَضَـاءْ
قَصِيدَةَ الذِّكرَى
وَذَاكِرَةَ القَصِيدَهْ
8
خَمسُونَ عَامًـا وَأكثَر
أكتُبُـكِ أكَتُبُنِي
كَي أنتَهِـي مِن جَمَــالِــكِ
فَمَـا انتَهَيـتِ
وَلا غَـامَتْ خِصَـالِــكِ
وَلا مَلَّـتْ كَلِمَـاتِي
وَلا زِلـتُ أٌحِبُّـكِ
وَأقتُـلُ جُمِيـعَ النِّسَـــاءِ
ميشـال سعـادة
22/1/ 2017







































Discussion about this post