في جنوب شرق الجزائر، على حدود ليبيا والنّيجر ومالي، تقبع منطقة منسيّة تدعى طاسيلي ناجر، وهي هضبة شاسعة تغطّي مساحة قدرها 72 ألف كيلومتر مربع، ولها تاريخ عريق مرسوم على جدرانها وطبيعتها.
يأوي هذا المنظر القمري الغريب الّذي يتمتّع بأهمية جيولوجيّة كبيرة إحدى أكبر المجّمعات الفنيّة الصّخرية الّتي تعود إلى فترة ما قبل التاريخ في العالم. ويمكن للمرء أن يسافر دون تأشيرة عبر 15000 رسم ومنحوتة تعود إلى عام 6000 قبل الميلاد وتستمرّ حتى القرون الأولى من عصرنا، متابعة التغييرات في الطقس وهجرة الثروة الحيوانية وتطوّر الحياة البشرية في غياهب الصحارى. وتشكّل بانوراما التكوينات الجيولوجية مصدر اهتمام استثنائي بفضل “الغابات الصخرية ” التي تتشكّل من الصلصال الرملي المتآكل
تم العثور على تحف فنية من أشكال لحيوانات في نطاق الطّاسيلي ويلاحظ أيضا لوحات ما قبل التّاريخ في الصخور وغيرها من المواقع الأثرية القديمة، التي يرجع تاريخها إلى العصر الحجريّ الحديث عندما كان المناخ المحلي رطب بكثير مع تواجد السافانا بدلا من الصّحراء.
. وتتنوع الصور الموجودة بين صور لعمليّات رعي الأبقار وسط مروج ضخمة، وصور لخيول، ونقوش لانهار وحدائق غناء،وحيوانات برية، ومراسم دينيّة، وبعض الآلهة القديمة.
. وقد كان الوصول إلي اكتشاف هذه الكهوف صعبا ومتأخرا، نتيجة لوقوعها في قلب منطقة “جبارين” حيث الصحراء قاحلة والمناخ شديد الحرارة. يسكن السلسلة الجبلية فرع من الطوارق وهم كل الأجر يتمركزون في عاصمة الطاسيلي جانت
تمّ تصنيف الطّاسيلي ناجر كموقع تراث عالمي منذ عام 1982 ومحمية للمحيط الحيوي منذ عام 1986 من قبل اليونسكو. وتُعتبر إحدى أكبر المجّمعات الفنية الصخرية التي تعود إلى فترة ما قبل التاريخ في العالم عبر 15000 رسم ومنحوتة.
وسلطت مجلة «ناشيونال جيوجرافيك» الضوء على طاسيلي، ووصفتها بأنها «أعظم متحف لفن ما قبل التاريخ»، وأنها أرض عجائب جيولوجية من التكوينات الصخرية الغريبة التي تحيط بها الكثبان البرتقالية.
تتميز الهضبة بطبيعة جيولوجية ساهمت فيها العديد من العوامل الطبيعية كالزلازل والبراكين، كما سهامت فيها بصورة خاصة الرياح والمياه، إذ شكلت دهور من التعرية الحجر الرملي إلى قمم وفتحات كبيرة، وكونت النتوءات أشكال سريالية وحيوانية، ويعتقد أنها تحتوي على أكثر من 300 قوس طبيعي.
كان الرحالة برنان هو أول من اكتشف طاسيلي وهو الذي اكتشف الرسوم والنقوش، وتواصلت بعده الاكتشافات، فجاءت اكتشافات عالم الآثار الفرنسي هنري لوت، الذي له دراسات قيمة جدًا قدمها للبحث العلمي، إذ تطرق للحياة اليومية للإنسان ما قبل التاريخ، من خلال الرسومات والمشاهد الموجودة بالمنطقة.
هو سحر الطّاسيلي ناجر متحف الجزائر العجائبي الّذي كان وسيظلّ صامدا عبر الزّمن
بقلم حجاج أول عويشة الجزائر 🇩🇿
Discussion about this post