سلسلة تسرد
التُّراث الشَّعبي في رمضان
بقلم/د. دعاء محمود
يأتي رمضان محملًا بالخيرِ، والبهجةِ، تمتلئُ فيه الأرض بالنَّفحاتِ، وتُعطر السَّماوات بالخيراتِ، تَهطل على الأرض نفحات مباركات تعيد للأرض رونقها، وفرحتها بعد نصب طول العام.
يأتي رمضان ليخبرنا بأن هناك دعوات سوف تُجاب، وأن كفة الميزان سترجح لنا، وأن الرَّوح سَتُعاد كفايتها لتنثر الأمل باقي العام.
في رمضان تتشابه عادات، وتقاليد الشُّعوب العربية؛ فالكل مبتهج، يعد، ويجهز، يصوم، يقوم، ولكن هناك الكثير من العادات التي تميز كل شعب عن غيره من الشُّعوب في رمضان.
مع تنوع الثَّقافات والموروثات الشَّعبية تظهر عادات غريبة تعبر عن روح شهر رمضان الكريم والابتهاج به في شتى الدُّول. لذلك تنتشر بعض العادات الغريبة لدى بعض الشُّعوب في شهر رمضان ..بعضها غريب وبعضها لا يصدق!
هناك بعض الدُّول التي ما زالت تحافظ على العادات الرَّمضانية المتعلقة باستقبال شهر الصِّيام، وربما منها عادات غريبة، لكنها في الأغلب عادات مبهجة وتدعو للتسامح والتَّأمل، لأن رمضان عندما يأتي يحمل معه دائمًا الرحمة والغفران والبركات في كافة ربوع الأرض.
١- السُّودان: تجديد الأواني
يتم تدريب النِّساء على تجويد القرآن كل صباح، كما لابد أن يتم تجديد أواني المطبخ احتفالا بقدوم الشَّهر الكريم، لكن أكثر ما هو غريب أن الإفطار يجب أن يكون جماعيًا في ساحات واسعة حيث تجتمع كل الأسر في ساحة واحدة للإفطار معًا.
تركيا: زغاريدٌ وعطور
بمجرد ثبوت الرؤية تنطلق الزَّغاريد في كل بيت لتعبر عن هذه الفرحة بالبشرى التي زفت إليهم ببدء الصَّوم في اليوم التَّالي، وتنطلق في البيوت روائح المسك والعنبر وماء الورد من جراء نثرها على عتبات الأبواب والحدائق المحيطة بالمنازل طيلة أيام رمضان الكريم. وتعتبر هذه من العادات المتوارثة عبر الأجيال هناك، كما تبدأ السيدات كبار السن (الجدات) في تجهيز أول سحور رمضاني، والذي يتكون من الفواكه الطازجة والملبن التركي الشَّهير المحشو بالمكسرات والقشدة واللَّحم المقدد.
أوزباكستان: خروف على الإفطار
يتم التَّحضير لحفلات إفطار جماعية يتم فيها دعوة الأهل والأصدقاء والجيران، ولابد أن يذبح خروف على الإفطار، ويقدم مع أرغفة العيش كبيرة الحجم التي يجب أن تخبز بالمنزل ومع الزَّيت والحليب، و لا يهمل تحضير مائدة تشمل جميع أنواع الشَّاي الأسود.
إندونيسيا: قرع الطُّبول
تستقبل الحكومة الإندونيسية رمضان بمنح إجازة للطلاب في الأسبوع الأول من رمضان للتعود على الصِّيام ، لكن أكثر مظاهر الاحتفال برمضان هو قرع الطبول التَّقليدية المعروفة باسم “البدوق”.
باكستان: حرب البيض
ومن أغرب عادات الشُّعوب في رمضان على الإطلاق تلك التي تقوم بها مدينة بيشاور الباكستانية التي تشتهر بإقامتها لحفل عرس تجمع فيه كل الأطفال الذين يقومون بالصَّوم لأول مرة لتشجيعهم على الاستمرار ،والعادة الأكثر غرابة هي مسابقة ( حرب البيض المسلوق ) التي لابد أن تقام على مدار شهر رمضان ، وهي لعبة تبدأ في المساء وتنتهي عند موعد السُّحور، وتعتمد قوانينها على إمساك أحد المتسابقين الشَّباب ببيضة مسلوقة، ويضرب بها الأخرى التي في يد خصمه بهدف كسرها، حتى يتأهل للمرحلة التَّالية.
أوغندا: ضرب الزَّوجات
لكن أغرب عادة من عادات الشُّعوب في رمضان على الإطلاق، وهي عادة قديمة في أوغندا، وربما يراها البعض غير مناسبة للشهر الفضيل، لكن الشَّعب الأوغندي، وتحديدًا الرجال في قبائل ( اللانغو ) الأوغندية، ما زالوا يحافظون عليها. وتقوم تلك العادة على أن يضرب الأزواج زوجاتهم على رؤوسهن قبل الإفطار، ومن ثم تقوم السَّيدات برضى منهن بإعداد وجبة الإفطار.
ماليزيا: طواف النِّساء
تعكف الإدارات المحلية على تنظيف الشَّوارع عقب استطلاع هلال رمضان في ماليزيا، وتقوم بنشر الزِّينة الكهربائية في الميادين الرئيسية احتفالًا باستقبال الشَّهر الكريم، ومن العادات الغريبة أيضا حرص النِّساء على الطَّواف بالمنازل لقراءة القرآن ما بين الإفطار والسَّحور.
نيجيريا: الإفطار المنفرد ممنوع
غير مقبول إفطار كل أسرة بمفردها، ولكن لابد أن تجمع الأطعمة التي تم إعدادها فى كل منزل ويتم تقسيم الموائد أمام أقرب منزل إلى جزأين أحدهما للرجال والآخر للنساء، لكن الأغرب، هو حرص كل أسرة على استضافة أحد الفقراء يوميًا على مائدة الإفطار، كنوع من التَّكافل الاجتماعي خلال شهر رمضان.
موريتانيا: شعر رمضان
وربما يمتلك شعب موريتانيا، العادة الأغرب بين الجميع، حيث يحلق الرجال في موريتانيا رؤوسهم قبل الشَّهر الفضيل بأيام، حتى يتزامن نمو الشَّعر الجديد مع نهاية الشَّهر، وتسمى هذه العادة باسم ( شعر رمضان )، وتؤجل الأسر أعراسها إلى شهر رمضان تفاؤلًا به على عكس ما يحصل في معظم الدُّول الإسلامية حول العالم. ومن أفضل العادات رغم صعوباتها هي العادة التي يقوم بها الشَّعب الموريتانى حيث يحرصون على قراءة القرآن الكريم كله في ليلة واحدة.
المغرب: ضرب النَّفير
يقوم أهل المغرب بضرب النَّفير سبع مرات للسحور بمجرّد التأكّد من ظهور هلال رمضان لتنطلق ألسنة النَّاس بالتَّهنئة بجملة (عواشر مبروكة) أي أيام مباركة مع دخول شهر الصَّوم بعواشره الثَّلاثة : عشر الرَّحمة، وعشر المغفرة، وعشر العتق من النَّار.
تايلاند: طعام ليس للأزواج
حافظت الأُسر المسلمة في تايلاند على عادةِ الاحتفاء بشهر رمضان من خلال ذبح الذَّبائح، أما الأُسر الفقيرة فإنّها تقدم الطُّيور وتذبحها، والعادة الغريبة أن الطَّعام الذي تطهوه الزَّوجات ممنوع على أزواجهن، وإنما يرسل لشخصٍ آخرٍ ليأكله، هذا وتجتمع النِّساء جميعًا ليتناولن طعام الإفطارِ في باحة المنازل بشكلٍ جماعي، كما تحرص النِّساء على أداء صلاة التَّراويح في المساجد بشكلٍ ملحوظٍ.
الصِّين: الشَّاي والبطيخ
يحرص مسلمو الصِّين على عدم تناول طعام الإفطار إلا بعد الصَّلاة، ويجرحون صيامهم بتمرة مع كوب من الشَّاي المحلى بالكثير من السُّكر، كما يحرصون على ألا تخلو المطابخ الإسلامية الصِّينية من الكعك والحلويات المحلية. كما يحرص البعض في عادة غريبة نوعًا ما على ضرورة الإفطار بالبطيخ الأحمر قبل الذِّهاب للمسجد للصلاة.
اليمن: طِلاء المنازل
يدأب اليمنيون بممارسةِ عادات رمضان بطلاء منازلهم قبل شهر رمضان كاستقبال احتفالي بقدومه، وتظهرُ بذلك اليمن بأبهى حُلّة وكامل استعدادها لقدومِ شهر الخير، كما تُنظم الإفطارات الجماعية في شوارع اليمن عند نداء الله أكبر لأذان المغرب يوميًا، وتزدانُ الشوارعُ بأجملِ الزِّينة، وتُطلق العيارات النَّارية من قبل الرِّجال.
جزر القمر: مشاعل على السَّواحل
يتميز شعب جزر القمر بواحدة من أجمل العادات الخاصة بشهر رمضان، فخلال اليوم الأول وفي اللَّيلة الأولى من رمضان، يخرج السُّكان حاملين المشاعل، ويتوجهون إلى السَّواحل، حيث ينعكس نور المشاعل على المياه، ويقرعون الطُّبول إعلانًا بقدوم شهر الصَّوم، ويظل السَّهر حتى وقت السَّحور.
أعاده الله علينا وعليكم بالخير واليمن والبركات.
الكاتبة الصحفية/ د. دعاء محمود
مصر
دعاءقلب
Discussion about this post