معاني الصّمت.
غريب من لا يسمع أصوات الصّمت …من قال أن الصّمت أخرس؟.
الصّمت ناطق بكلّ لغات العالم..وله أحاديث لا يفهمها إلّا من مارس الصّمت بمهارة.
فللصمت حديث الرّوح للروح…مناجاة عذبة تحمل عاشق الصّمت إلى عوالم مجهولة لا يعلم أغوارها إلّا ذلك الصّمت الأمين كاتم الأسرار. وخزينة مخلصة وفيّة.تخبّئ في فؤادها أفراحا..أو آلاما..أو انتظارات…أو ندمًا قاتلًا مقيتا ،تنزف قطرة قطرة فتذيب القلوب حتّى تفتر وتذوب ببطء كشمعة تلفظ أنفاسها الأخيرة..
والصّمت كلام تترجمه العيون ..توصل رسائل اللوم والعتاب والخوف والشّك واليقين ..والفرح.والانكسار والوداع والأقبال والإدبار.
وللصمت معاني الانتقام القاتلة…سحابة داكنة تسبق العاصفة..الّتي لا تترك إلّا العدم…والصّمت هو اللحظات الّتي تسبق الإبداع. هنيهات خشوع وتأمّل. تزهر قصيدة أو اختراعا أو أغنية تتعالى نغماتها مدغدغة قلب الليل تثور على الصّمت فتكسر خشوعه السّاجد..تصل للسهارى والعاشقين الّذين خاصم النّوم منهم المآقي والجنون.. وللصمت نهايات منها الجميل..ومنها الّذي يعجّ بالحزن والألم حين يفارق الصّوت الجسد ويقدّمه قربانا لصمت أبديّ قاتل…فمخطئ من يقول أنّ الصّمت أخرس..فكلّ الكلمات كانت بدايتها صمتًا وسكونًا وهدوءَ وسكينة…فدعوا الأنفس العاشقة للصمت تتعبّد في محرابه ..طامعة براحة ممتعة بعيدا عن ضوضاء الكلام.
فاطمة الزهراء بناني
تونس
Discussion about this post